للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} .

انظروا كيف يتبرأ المسيح من عباده المسيحيين, ويقول: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} .

والله يعلم أن المسيح لم يأمر بعبادته، ولا يرضى بذلك ولكن يريد الله من هذه الآيات أن يبين للناس أن عبادة المسيح الذي هو من الأنبياء المرسلين لا تجوز، بل يكون شركا، فكيف بعبادة من الأولياء، ومن الأشجار ومن الغيران والكهوف.

ألم يسمع هؤلاء الضالون قول الله مخاطبا لسيد العالمين: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} . فإذا كان الضر النازل بالرسول لا يستطيع أن يدفعه، فكيف يستطيع الرسول أو من هو أقل منه أن يدفع ضرا نزل بغيره؟

ألم يسمع هؤلاء قول الله العظيم {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

ألم ينع على اليهود والنصارى باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} .

ومما يجدر التنبيه عليه أن الله الذي أنكر على اليهود والنصارى اتخاذ أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله لم يكونوا يعتقدون أن الأحبار والرهبان آلهة تخلق أو ترزق أو تنفع أو تضر، وإنما جاء التوبيخ لهم والانكار عليهم أنهم كانوا يطيعونهم في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله.

روى الإمام أحمد والترمذي وحسنه، عن عدي بن حاتم، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية، فقلت له: إنا لسنا نعبدهم: قال: " أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه" فقلت: بلى، قال: "فتلك عبادتهم".

<<  <   >  >>