فالجواب: هذا الاحتجاج صحيح في حد ذاته بأن الكافر إذا نطق بالشهادتين والتزم بشرائع الإسلام فهو مسلم, ولا يجوز أن نسميه كافرا ولكن بشرط أن لا يأتي بما ينقض إسلامه أو إيمانه, وقد سبق أن ذكرت أن للشهادتين شروطا ونواقض, وأن أبواب الردة التي ذكرها العلماء وذكروا فيها ألفاظا كثيرة يكفر بها إذا نطق أو نوى الردة, وإن لم ينطقه أو فعل فعلا يكفر به كالسجود لغير الله.
فتلك الألفاظ المذكورة كلها من النواقض التي يحكم بموجبها على المسلم, ويقال أنه مرتد وإن تشهد بالشهادتين وأتى بأركان الإسلام.
وأما قولهم: لو وجد تسعة وتسعون سبيلا لكفره, وسبيلا واحدا لإسلامه لا يحكم عليه بالكفر.
فالجواب: أن هذا الكلام باطل لا يقره شرع ولا يقبله عقل, وإن قال به بعض الفقهاء, وبيانه: تشهد بالشهادتين وصلى وصام وزكى وحج بيت الله الحرام وصام النهار وقام الليل وجاهد في سبيل الله وأنفق أمواله بسخاء لنصرة المجاهدين وإعانة المحتاجين وفعل كل بر وخير وانتهى عن كل محرم ولكنه أنكر ملكا من الملائكة المعروفين كجبريل أو ميكائيل, أو قيل له صل راتبة الصبح أو الظهر فقال: لا أصلى مراغما للسنة لا كسلا, فيكفر مع أن هذا سبيل واحد لخروجه عن الإسلام, وتلك الأمور المذكورة السابقة كلها من سبل الإسلام ولم تنفعه, ولا يقال أن الأوجه التي تحكم عليه في الإسلام أكثر وأكثر من وجه واحد يكفر به.