للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَاشِعُونَ} ١.

ويتولى فرض الصلاة ونفلها على المسلم، لا يمنعه منها عذر من مرض ولا سفر، وحيثما انتقل لزمته فرضية الصلاة، يؤديها أينما تيسر له، قال صلى الله عليه وسلم: " ... وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأيما رجلا من أمتي أدركته الصلاة فليصل.." ٢ فالأرض كلها مكان عبادة، إذ لا تختص العبادة بين جدران بيت الله، فكل الأرض واقعة في سلطان الله، وعلى المرء أن يتقي الله حيثما تقلب به المكان.

وبين صلاة وصلاة، يشعر المسلم أنه منذ قليل كان بين يدي الله، يرفع يديه يستمد من هداه، وبعد قليل سيحين موعد الصلاة، ليقف من جديد بين يدي الله، ولا يليق بمن هذا حاله أن يغيب أو يغفل عن ذكر الله، فيظل العبد واقعا في مجال تأثير الصلاة، فيقوى الإيمان ويزداد، وتشتد العزائم فتنتزع صاحبها من مشاغل الحياة، وتنتصر النفس على المغريات، قال الله تعالى: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} ٣.

ودوام الصلاة واطرادها على اختلاف الأحوال والأزمنة صفة تميزها عن سائر التكاليف العملية، فعامة التكاليف – سوى أركان الإسلام الأساسية: الصلاة والزكاة والصوم والحج – منطوة بمصالح معينة تدور معها، فتثبت برجاء المصلحة وترتفع برتفاعها أونفاذها، أو رهينة بعلاقات الناس تجب في أوضاع معينة، وتسقط بإعفاء وغيره. وأما


١ سورة المؤمنون: الآية [١، ٢] .
٢ رواه البخاري ١/١١٣ كتاب الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، واللفظ له، ومسلم ١/٣٧٠، ٣٧١ ح٥٢١ كتاب المساجد ومواضع الصلاة.
٣ سورة النور: الآية [٣٧] .

<<  <   >  >>