لم يفرض الله سبحانه فرضا يستمر في حال الصحة والمرض، والغنى والفقر، والسفر والحضر، - غير الصلاة، وألزم عباده بخمس صلوات في كل يوم وليلة، يسعى إليها العبد لمناجاة ربه، فيتهيأ لهذا اللقاء بالتطهر، ومن حكمة الله سبحانه أن جعل الصلاة لا تقبل بغير طهور، فيغتسل العبد أو يتوضأ أو يتيمم، فيطهر جوارحه من ملوثات المادة، ويتجمل ليلقى ربه نظيفا نقيا، وقد تخلص من غفلته وكسله واستبدل ذلك بنشاط وانتباه.
لقد عظم الله سبحانه قدر الصلاة فمنع الحائض منها حتى تطهر من حيضها، ومنع النفساء حتى تطهر من نفاسها، فانعكست آثار الطهارة على حياة المسلمين عامة حتى أصبحت النظافة ديدنهم.
ويمتد معنى الطهارة إلى ما هو أعمق من النظافة الحسية الظاهرة، فيجوب النفس ويجليها من أصداء المعاصي وأدران الذنوب، فإذا كانت هذه الجوارح هي التي ترتكب المنكرات، فهو يغسل ظاهرها، وكله عزم ويقين على تطهيرها، بالتكفير عن الذنوب، والبعد عن الرذائل، والقرب من الله.
وتتحقق الطهارة من الحدث الأصغر بالوضوء، ومن الحدث الأكبر بالغسل، وينوب التيمم عنهما بشروط خاصة سبق ذكرها، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً