لا يزال المسجد قائماً يستقبل المصلين، يؤدي دوره في حياة المسلمين بما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم. ولكن نظرة متأملة في واقع المسجد اليوم مقارناً بمكانة المسجد ودوره الذي رسم منهجه سلفنا الصالح، نرى هوة كبيرة بين ماكان، وما هو عليه اليوم.
وليس ذلك إلا لما حدث للمسجد من تجريده من الطاقات التي تمكنه من العمل في بناء الفكر الصحيح والقلب الواعي، وتصحيح ما انتشر من مفهومات خاطئة.
ولا عجب أن نرى المحاكم في أنحاء العالم الإسلامي، وقد اكتظت بالقضايا والمنازعات، وتفشي الظلم في كل مكان، وليس غريباً أن نرى شباباً يدمرهم الانحراف، ومجتمعات كاملة تموت جوعاً وفقراً....
إن كل ذلك وأكثر منه حدث، عندما سلبت حقوق المسجد، واقتصر دوره على جزء من كل، فبات العالم مهدداً بالخراب والدمار....
إن مسجد الأمس، قد بنى دولة للإسلام، امتدت جذورها ضاربة في المشرق والمغرب، ومسجد اليوم نرجو أن يقوم بأعبائه كاملة، كما كان عليه المسجد في الماضي، حتى لا يفقد سلطانه على النفوس، وحتى يستطيع أن يبلغ رسالة الله، وأن يحكم نظام الإسلام في كل شيء، وليجمع أشلاء مامزقته التجارب البشرية المقطوعة عن طريق الوحي بعيداً عن التيارات الدخيلة التي نكبت العالم بما نشرت من سموم.
ولن يستطيع المسجد أن يستعيد مكانته ويحقق رسالته التي أنشئ لها