للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ١ ولا يكون والآية كما تبدو مقيدة بخوف الفتنة من الكفار أي (أن يمنعوكم من إتمام صلاتكم) ، ولكن هذا القيد مرتفع بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي أخبر بها عن ربه، فعن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فقد آمن الناس! فقال: عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته" ٢، فصارت إباحة القصر في الأمن صدقة تصدق الله بها علينا.

وأما السنة ٣ فقد تواترت الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقصر في أسفاره حاجاً ومعتمراً وغازياً، وقال ابن عمر: إني صحبت٤ رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ٥.

وقال عبد الله بن مسعود: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصلت مع أبي بكر الصديق بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب


١ سورة النساء، الآية [١٠١] .
٢ رواه مسلم ١/٤٧٩، ٤٨٠ ح٦٨٩.
٣ انظر المغني: ابن قدامة ٢/٢٥٥.
٤ رواه مسلم ١/٤٧٩، ٤٨٠ ح٦٨٩.
٥ سورة الأحزاب، الآية [٢١] .

<<  <   >  >>