للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

راتبه الجمعة:

اختلف أهل العلم في التنفل قبل صلاة الجمعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن يصلي قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، ولا نقل هذا عنه أحد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذن على عهده إلا إذا قعد على المنبر، ويؤذن بلال ثم يخطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثم يقيم بلال فيصلي النبي صلى الله عليه وسلم بالناس، فما كان يمكن أن يصلي بعد الأذان، لا هو، ولا أحد من المسلمين الذين يصلون معه صلى الله عليه وسلم، ولا نقل عنه أحد أنه صلي في بيته قبل الخروج يوم الجمعة، ولا وقت بقوله صلاة مقدرة قبل الجمعة، بل ألفاظه صلى الله عليه وسلم فيها الترغيب في الصلاة إذا قدم الرجل المسجد يوم الجمعة من غير توقيت، كقوله: "من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت ... "١، وهذا هو المأثور عن الصحابة، كانوا إذا أتوا المسجد من يوم الجمعة يصلون من حين ما يدخلون ما تيسر، فمنهم من يصلى عشر ركعات، ومنهم من يصلي اثنتي عشرة ركعة، ومنهم من يصلي ثماني ركعات، ومنهم من يصلي أقل من ذلك.

ولهذا كان جماهير الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة بوقت، مقدرة بعدد، لأن ذلك إنما يثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله، وهو لم يبين في ذلك شيئاً، لا بقوله ولا بفعله، وهذا مذهب مالك ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه؛ وهو المشهور في مذهب أحمد، وذهب طائفة من العلماء إلى أن قبلها سنة٢.

والصواب: أن لا يقال أن قبل الجمعة سنة راتبه مقدرة٣.


١ رواه مسلم ١/٥٨٧ ح ٨٥٧.
٢ سنة الجمعة: ابن تيمية ص ٦: ٩.
٣ سنة الجمعة: ابن تيمية ص ٢٢.

<<  <   >  >>