لهم، ولم يكن أحد منهم يأتي إلى قبره ويقول: يا رسول الله فعلت كذا وكذا فاستغفر لي، ومن نقل هذا عن أحد منهم فقد جاهر بالكذب والبهت.
فلو كان هذا منسحبا إلى ذا الآن وإلى ما شاء الله، لما ترك الصحابة- رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان هذه القربة التي ذم الله سبحانه من تخلف عنها، وجعل التخلف عنه من أمارات النفاق، ووفق لها من بعدهم ممن لا يؤبه له من الناس ولا يعد في أهل العلم، ويا لله العجب أكان ظلم الأمة لأنفسها ونبيها حي بين أظهرها موجودا، وقد دعيت فيه إلى المجيء ليستغفر لها، وذم من تخلف عن هذا المجيء، فلما توفي صلى الله عليه وسلم ارتفع ظلمها لأنفسها بحيث لا يحتاج أحد منهم إلى المجيء إليه ليستغفر له، ولو كان حقا لسبقونا إليه علما وعملا وإرشادا ونصيحة، ولا يجوز إحداث تأويل في آية أو سنة لم يكن على عهد السلف، ولا عرفوه ولا بينوه للأمة.
الوجه الرابع: أنه لو كان المجيء إلى قبره بعد وفاته مشروعا لأمر به أمته وحضهم عليه ورغبهم فيه، لأنه من كمال شفقته ورحمته ورأفته بالمؤمنين، فلا خير إلا دل عليه أمته وأمر هم به، ولا شر إلا حذرها عنه ونهى ١ عنه، لأنه أكمل الخلق نصحا للأمة، فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، ومن كمال نصحه وشفقته بأمته أنه نهى عن اتخاذ قبره