للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدعائه؛ ولذلك قال في آخره: "اللهم فشفعه فيّ" إذ شفاعته لا تكون إلا بالدعاء لربه قطعا، ولو كان المراد التوسل بذاته فقط لم يكن لذلك التعقيب معنى، إذ التوسل بقوله: "نبيك" كاف في إفادة هذا المعنى. فقوله: "يا محمد إني توجهت بك إلى ربي" ١قال الطيبي: "الباء في بك للاستعانة" وقوله: "إني توجهت بك" بعد قوله: "أتوجه إليك" فيه معنى قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة٢٢٥] فيكون خطابا٢ لحاضر معاين في قلبه مرتبط بما توجه به عند ربه من سؤال نبيه بدعائه الذي هو عين شفاعته، ولذلك أتى بالصيغة الماضوية بعد الصيغة المضارعية المفيد كل ذلك أن هذا الداعي قد توسل بشفاعة نبيه في دعائه فكأنه استحضره وقت ندائه.

وقال شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم": "والميت لا يطلب منه شيء لا دعاء ولا غيره، وكذلك حديث الأعمى فإنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له ليرد الله عليه بصره فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم دعاء أمره فيه أن يسأل الله قبول شفاعة نبيه فيه، فهذا يدل على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شفع فيه، وأمره أن يسأل الله قبول قوله "أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة" أي بدعائه وبشفاعته كما قال عمر: "كنا نتوسل إليك بنبينا" فلفظ التوسل والتوجه في الحديثين بمعنى واحد ثم قال: "يا محمد


١ في الأصل طبعة الرياض"ذي".
٢ في طبعة الرياض "خطابا بالحاضرة".

<<  <   >  >>