العلة الثانية: أن الرجل الذي جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مجهول لا يعرف، فكيف يعول في هذه القضية العظيمة على روايته!! ويؤصل هذا الأصل المتعلق بأهم العبادات على حادثته! لا شك أن الاعتماد على هذه الواقعة ضرب من الجنون والهوس. هذا إذا سلمنا جدلا عدم وجود المخالف له. فكيف وقد خالفه الإجماع المنعقد على مقتضى النصوص الواردة فيما يشرع عند وجود القحط من استغفار الله تعالى والاستقامة على طريقه، والإيمان والتقوى، وتحكيم الشرع. وقد اعترض على هذه العلة القوية باعتراض هو:- أن الرجل المذكور صحابي يدعى: بلال بن الحارث المزني كما صرحت بذلك بعض روايات هذا الحديث. قال الحافظ ابن حجر في الفتح٢/٤٩٦: وقد روى سيف في "الفتوح" أن الذي رأى المنام المذكور هو: بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة اهـ. والجواب: أن هذه الرواية باطلة لا يحل الاستشهاد بها. وذلك لأن سيف بن عمر المتفرد بهذه الزيادة ضعيف باتفافهم، بل قيل: إنه كان يضع الحديث، وقد اتهم بالزندقة "الميزان للحافظ الذهبي٢/٢٥٦". ثم لو سلمنا جدلا صحة هذه الزيادة فلا حجة فيها؛ لأنها فعل صحابي خالف الأدلة، وعارضه فعل الصحابة. أما مخالفته للأدلة من الكتاب والسنة فظاهر، وأما مخالفته لفعل الصحابة فقد ثبت عن عمر أنه قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا، فيسقون. فإن قيل: إن وجه الاحتجاج بهذه القصة عدم إنكار عمر على ذلك الرجل مجيئه إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم.