الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فسيكون حديثنا اليوم عن أمرٍ عظيم وحق جليل كريم، عن حق من الحقوق التي فرضها الله على الأزواج والزوجات، فلا يمكن أن تستقيم بيوت المسلمين وأن تتم الألفة والمحبة والمودة إلا بالقيام بهذا الحق وأدائه على الوجه الذي يرضي الله عز وجل، هذا الحق وصّى الله عز وجل به عباده من فوق سبع سماوات أن يتقوه، وأن يتقوا الله في الأرحام، فقال سبحانه وتعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء:١] .
إنها الرحم خلقها الرحمن، واشتق لها اسماً من اسمه، فهو الرحمن وهي الرحم، من وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله، ومن قطعه الله فلا تسأل عن حاله، في ضيعةٍ وخسارةٍ ووبال والعياذ بالله! هذا الحق هو حق الأرحام والدا الزوج ووالدا الزوجة فقد فرض الله عز وجل على المؤمن أن يتقيه سبحانه في الرحم، وواجب على كل زوج إذا أراد أن يوفقه الله في زواجه وأن يسعده في أهله ونكاحه أن يحفظ حق قرابة زوجته، وواجب على كل زوجة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تتقي الله في والدي زوجها وفي قرابته، قال صلى الله عليه وسلم:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه) .
فجعل الله عز وجل صلة الرحم من الإيمان به؛ لأنه لا يحفظ زوجاً حق رحمه ولا تحفظ زوجة حق رحمها إلا بباعث من الإيمان بالله عز وجل.
هذا الحق وهو حق الأرحام قام به النبي صلى الله عليه وسلم على أتم الوجوه وأكملها وأفضلها وأحسنها فكان يصل قرابة زوجه.
وفي السير: أنه صلى الله عليه وسلم كان جالساً مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فسمع صوت امرأةٍ تستأذن، فقام صلى الله عليه وسلم كالفزع، فإذا بها امرأةٌ كبيرة وإذا به يقول:(إنها هالة، إنها هالة أخت خديجة) ذكّرته عليه الصلاة والسلام بحبه وزوجه، بما كان بينه وبين أهله.