جئت به إلا عُودِيَ، وإن يدركني يومك أَنْصُرْك نصراً مؤزراً، ثم توفي ورقة، وفتر الوحي.
واستمرت فترة الوحي ثلاث سنين، قوي فيها استعداد النبي، واشتدَّ شوقه وحنينه.
قال صلى الله عليه وسلم:"بينما أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء، فرفعت بصري، فإذا الملك الذي جاءني في حراء".
وذكر أنه رعب منه، ولكن ذلك دون الرَّعبة الأولى، فرجع إلى أهله فتزَمَّلَ، وتَدَثَّرَ - أي: تغطى بالثياب -.
ثم أنزل الله عليه قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ , قُمْ فَأَنذِرْ , وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ , وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ , وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر] .
أي: يا أيها الذي تدثر بثيابه قم فأنذر الناس بالقرآن، وبلغهم دعوة الله، وطهر ثيابك وأعمالك من أدران الشرك، واهجر الأصنام، وتبرأ من أهلها.
ثم حمي الوحي بعد ذلك، وتتابع، وبلَّغ صلى الله عليه وسلم دعوة ربه، حيث أمره وأوحى إليه بأن يدعو الناس إلى عبادة الله وحده، وإلى دين الإسلام الذي ارتضاه الله، وختم به الأديان؛ فقام النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن.
فاستجاب له أول من استجاب: خديجة من النساء، وأبو بكر الصديق من الرجال، وعلي بن أبي طالب من الصبيان، ثم توالى دخول الناس في دين الله، فاشتدَّ عليه أذى المشركين، وأخرجوه من مكة، وآذوا أصحابه أشدَّ الأذى،