للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أجل الجامعة الإسلامية:

والملاحظ أن الشعراء جميعًا من أصحاب هذا الاتجاه، قد مدحوا الخليفة التركي ومجدوه على تفاوت بينهم، وواضح أن الدافع الأساسي إلى ذلك، كان اعتبار الخليفة رمزًا لوحدة المسلمين، وشعارًا لفكرة الجامعة الإسلامية التي آمن بها الكثيرون في تلك الأحايين، كضمان لوحدة الشعوب في هذه المنطقة وتكتلها ضد الاستعمار الغربي وعدوانه، فقد ظهر جليًّا تآمر الدول الأوروبية على تركيا، وتطلعها إلى اقتسام الدول التي تؤلف الخلافة الإسلامية، وقد اتضح هذا في مؤتمر برلين سنة ١٨٧٨، حين اجتمع لحل مشكلات تركيا في البلقان، فعمل على تمزيق ولاياتها بل ابتلاع ما أمكن منها، فاحتلت إنجلترا جزيرة قبرص، واحتلت روسيا بعض أملاك تركيا على البحر الأسود، واضطرت تركيا إلى التخلي عن رومانيا والصرب، ثم احتلت فرنسا تونس سنة ١٨٨١، واحتلت انجلترا مصر سنة ١٨٨٢، ثم هاجمت إيطاليا ليبيا سنة ١٩١١، وحُملت تركيا على التخلي عنها سنة ١٩١٢ لتفرغ للثورات المأججة ضدها في البلقان، وأكثر من ذلك قد تهجم على الإسلام والمسلمين بعض الكتاب الغربيين، وأعلن بعضهم ابتهاجه بتوغل فرنسا في قلب الإسلام بأفريقيا، ومن هؤلاء الكتاب: "هانوتو" و"رينان" و"كرومر١".

ومن هنا كانت هذه الحفاوة من جانب الشعراء بالخلافة والخليفة، لا تقديرًا لتريكا أو لذات السلطان التركي، وإنما لهذه الجامعة الإسلامية التي يعتبر الخليفة رمزًا لها٢.


١ انظر: الوطنية في شعر شوقي للدكتور أحمد الحوفي ص١٠٢، والاتجاهات الوطنية جـ١ ص٢، وما بعدها.
٢ الاتجاهات الوطنية جـ١ ص١١، وما بعدها.

<<  <   >  >>