للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، لرأينا الشاعر يهجو توفيقًا الذي استدعى الإنجليز، واستند على حرابهم ليحكم مصر قهرًا.

ولا يبرر سخط شوقي على عرابي، ما كان من سخط بعض كبار الوطنيين عليه، مثل مصطفى كامل١؛ فالواقع أن مصطفى كامل كان يصدر عن رأي سياسي، وفكرة، وطنية شكلت كل سياسته، فهو قد سخط على عرابي لما ترتب على حركته من شر للوطن، وفي الوقت نفسه سخط على القصر حين ترتب علىموقفه من ضر آذى الوطن، أي أنه لم يكن يصدر عن شعور شخصي، وعلاقة ذاتية كما فعل شوقي، ولذا لا يبرر موقف شوقي بموقف مصطفى كامل؛ لأن الباعث مختلف في كم الموقفين.

أما تورط شوقي أحيانًا في مدح الإنجليز تبعًا لتشكل موقفه بموقف القصر، أو سيره في طريق المصلحة الشخصية؛ فقد كان منه قصيدته بمناسبة تأجيل حفلة تتويج الملك إدوارد السابع سنة ١٩٠٢، تلك القصيدة التي حاول فيها أن يستنبط عبرة الدهر في إخلاف الظنون، وإرغام القوى على المقدور، وخضوع الكبار لأصغر لمسات القضاء، حيث حال دون تتويج الملك دمل أصابه.

ولكن الشاعر لا يكتفي بذلك بل يتورط في تمجيد الملك والإنجليز حيث يقول:

إلى موكب لم تُخرج الأرض مثله ... ولن يتهادى فوقها من يقاربه

إذا سار فيه سارت الناس خلفه ... وشدت مغاوير الملوك ركائبه٢

ومن ذلك الشعر المتورط كذلك في مدح الإنجليز قول شوقي في قصيدته اللامية التي نظمها بعد عزل عباس، وتولية حسين كامل سنة ١٩١٤، حيث يتحدث فيها عن الإنجليز على هذا النحو:

حلفاؤنا الأحرار إلا أنهم ... أرقى الشعوب عواطفًا وميولًا

أعلى من الرومان ذكرًا في الورى ... وأعز سلطانًا وأمنع غيلًا

لما خلا وجه البلاد لسيفهم ... ساروا سماحًا في البلاد عدولًا٣


١ المصدر السابق والصفحة نفسها.
٢ الشوقيات جـ١ ص٧٦.
٣ المصدر السابق ص٢١٥.

<<  <   >  >>