للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخيرًا منه مقدمة قصيدته في ذكرى شكسبير سنة ١٩١٦، حيث يقول عن الإنجليز:

يا جيرة المنش حلالكم أبوتكم ... ما لم يطوق به الأبناء آباء

ملك يطاول ملك الشمس، عزته ... في الغرب باذخة في الشرق قعساء

تأوي الحقيقة منه والحقوق إلى ... ركن بناه من الأخلاق بناء

أعلاه بالنظر العالي ونطقه ... بحائط الرأي أشياخ أجلاء

وحاطه بالقنا فتيان مملكة ... في السلم زهر رُبًا في الروع أرزاء

يستصرخون ويرجى عز نجدتهم ... كأنهم عرب في الدهر عرباء

وكان ودهم الصافي ونصرتهم ... للمسلمين وراعيهم كما شاءوا١

على أن ذلك ليس معناه تجريح وطنية شوقي، وإنما معناه فقط أن الرجل لم يكن في وطنيته فدائيا أو واضح الشجاعة، فكانت وطنيته تأخذ مظهرا هادئا فيه أحيانا كثير من السلبية، وفيه أحيانا أخرى بعض التقية أو النفعية.

على أن وطنية شوقي التي لا شك فيها قد تجلت حين انطلق من قيد القصر، بعد عودته من المنفى ثورة ١٩١٩، وفي هذا الشعر الرائع الذي صبه حمدًا على الاحتلال وأعداء الوطن، وناضل به من أجل تحرير مصر وخير المصريين، وقد مضت بعض نماذج هذا الشعر، ومن أروع ما تتجلى فيه وطنية شوقي، ذاك الشعر التاريخي الممتاز، الذي يصور فيه أمجاد مصر وتاريخها المشرق، من مثل قوله في المصريين القدماء، وما خلفوه من آثار:

قل لبان بني فشاد فغالى ... لم يجز مصر في الزمان بناء

ليس في الممكنات أن تنقل الأجبال ... شما وأن تنال السماء

زعموا أنها دعائم شيدت ... بيد البغي ملؤها ظلماء

دمر الناس والرعية في تشييـ ... دها والخلائق الأسراء

أين كان القضاء والعدل والحكمة ... والرأي والنهي والذكاء


١الشوقيات جـ٢ ص٥.

<<  <   >  >>