للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبنو الشمس من أعزة مصر ... والنجوم التي بها يستضاء

إن يكن غير ما أتوه فخارٌ ... فأنا منك يا فخار براء١

أما حافظ، فقد كانت وطنيته تُسفر وتنطلق، حين يكون بعيدًا عما يحملها التستر والتقيد، ثم هي تحتجب وتكبل حين تفرض عليه الظروف أن يحافظ على لقمة العيش وأمن السرب، فهو في السنوات الأولى من حياته الشعرية، قد كان حرًّا من قيد الوظيفة، منذ أن أحيل على المعاش من عمله في الجيش سنة ١٩٠٣، إلى أن عين في دار الكتب سنة ١٩١١، ولذا نراه في هذه السنوات الطليقة يلهب ظهر الاحتلال بأشعار وطنية كالسياط النارية، فيذيع في حادث دنشواي قصيدته المشهورة التي يقول فيها مخاطبًا الإنجليز، في مرارة وسخرية:

خفضوا جيشكم وناموا هنيئًا ... وابتغوا صيدكم وجوبوا البلادا

وإذا أعوزتكم ذات طوق ... بين تلك الربا فصيدوا العبادا

إنما نحن والحمام سواء ... لم تُغادر أطواقنا الأجيادا

لا تُقيدوا من أمة بقتيل ... صادت الشمس نفسه حين صادا

ليت شعري أتلك محكمة التفتيش عادت أم عهد نيرون عادا٢

ثم يذيع قصيدة ثانية في استقبال "كرومر" يشير فيها إلى فظاعة الحادث المشئوم، فيقول عن ضحايا دنشواي:

جلدوا ولو منيتهم لتعلقوا ... بجبال من شنقوا ولم يتهيبوا

شنقوا ولو منحوا الخيار لأهلوا ... بلظى سياط الجالدين ورحبوا

يتحاسدون على الممات وكأسه ... بين الشفاه وطعمه لا يعذب٣

ثم يتبع تلك القصيدة بأخرى حين يفد على مصر المعتمد البريطاني الجديد "غورست"، وفي تلك القصيدة يشير إلى مأساة دنشواي أيضًا، فيقول:

قتيل الشمس أورثنا حياة ... وأيقظ هاجع القوم الرقود


١ الشوقيات جـ١ ص٢-٣.
٢ ديوان حافظ جـ٢ ص٢٠-٢١.
٣ المصدر السابق ص٢٤.

<<  <   >  >>