للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يتخلص من الغزل إلى الغرض المقصود من القصيدة، وهو الدعوة إلى البر والحث على المواساة، فيقول:

خل الهوى والصبا ودعني ... من التصابي والادكار

فإن لي بالهموم شُغلا ... عن ذكر ليلى وعن نوار

وراحمتا للكريم يشكو ... نوائب العيش أم يداري١

بل هذا هو شوقي يقول في مطلع قصيدة سياسية خالصة، حول مشروع "ملنر"، والوفد الذي جاء يعرض ذاك المشروع على المصريين:

إثن عنان القلب واسلم به ... من ربرب الرمل ومن سربه

ومن تثني الغيد عن بانة ... مرتجة الأرداف عن كثبه

ظباؤه المنكسرات الظبا ... يغلبن ذا اللب على لبه٢

ثم يمضي في هذا الغزل إلى أن يتخلص بقوله عن نفسه، وقلبه:

شاب وفي أضلعه صاحب ... خلو من الشيب ومن خطبه

ما خف إلا للهوى والعلا ... أو لجلال الوفد في ركبه٣

وربما كان أكثر من ذلك كله دلالة على تمسك بعض هؤلاء الشعراء المحافظين بهذه الظاهرة من ظواهر عمود الشعر، أن واحدًا من هؤلاء الشعراء قد قدم بالغزل التقليدي لقصيدة قالها في أجنبي، كان قد زار مصر، أما الشاعر فهو أحمد نسيم٤، وأما الأجنبي فهو "الدوق أوف كنوت"، وأما القصيدة فهي التي يقول الشاعر في مطلعها، وكأنه يتحدث عن بدوي أو أحد شيوخ القبائل في الجاهلية:

هل الحب إلا مهجة الصب تدنف ... أو الشوق إلا لوعة وتلهف

أفق قبل حب ليس يخبو ضرامه ... غداة رحيل والمدامع ذرف


١ المصدر السابق ص٩٠-٩١.
٢ الشوقيات جـ١ ص٦٤.
٣ الشوقيات جـ١ ص٦٥.
٤ ولد بالقاهرة سنة ١٨٧٨، وتعلم بها، ثم عمل بدار الكتب، وتوفي سنة ١٩٣٨.
اقرأ عنه في: الأعلام للزركلي جـ١ ص٢٥، وفي: شعراء الوطنية لعبد الرحمن الرافعي ص٢١٣.

<<  <   >  >>