للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كانت لهؤلاء الثلاثة قراءات في الشعر الإنجليزي، وتعرف على شعرائه، وخاصة الرومانتيكيين من أمثال "وردزورث" و"شيلي" و"بيرون" وغيرهم، كما كانت لهم قراءات في النقد، وإعجاب بالناقد الإنجليزي "هازلت" بصفة خاصة١.

وقد وجههم ذلك -بالإضافة إلى ميولهم، وثقافتهم الفكرية- إلى أن يقولوا شعرًا

مخالفًا للشعر المحافظ البياني، متسمًا بسمات مغيرة لسمات شعر المحافظين. وكانت أهم سمات هذا الشعر الذي ظهر مع هؤلاء سمتين، هما التجديدية والذهنية، أما التجديدية فتتمثل في جانبين، جانب المفهوم الحقيقي للشعر، وجانب الشكل الفني للقصيدة، والمفهوم الحقيقي للشعر عندهم هو أن الشعر تعبير عن النفس الإنسانية في فرديتها وتميزها، والشكل الفني للقصيدة هو ما يقوم على اعتبارها كائنًا حيًّا، لكل جزء من أجزائه وظيفة ومكان، كوظيفة عضو المس ومكانه٢.

وأما الذهنية، فتتمثل في رعاية الجانب الفكري في النسيج الشعري، وعدم قصر هذا النسيج على خيوط من العاطفة وحدها، فالواجب عندهم أن يخاطب الشعر العقل كما يخاطب القلب، وأن يتسع مفهوم الوجدان بحيث يشمل كل ما يجده الإنسان في نفسه من شعور، ومن فكر معًا٣.

ومن هنا ثار هؤلاء المجددون على طريقة المحافظين، ونعوا عليهم اتخاذهم النماذج البيانية القديمة مثلًا أعلى٤، كما نعوا عليهم زجهم بالشعر في المناسبات والمحافل٥، والبعد عن النفس الإنسانية٦، كما عابوهم أيضًا بالاهتمام


١ انظر: شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي للعقاد ص١٩٢-١٩٤.
واقرأ بعض الأصول النقدية التي عرف بها هازلت، والتي شاعت بعد ذلك عند هؤلاء الشعراء المصريين: Lectrres on English Poets: William Hazlitt, PP. ١-١٨.
٢ شعراء مصر وبيئاتهم ص٧.
٣ ديوان بعد الأعاصير ص٤٥، والشعر المصري بعد شوقي الحلقة الأولى ص٤١.
٤ شعراء مصر وبيئاتهم ص٥٢، وخلاصة اليومية للعقاد ص١٠٥ وما بعدها.
٥ اقرأ مقالًا للعقاد في صحيفة عكاظ عدد ٩ مارس سنة ١٩١٤.
٦ خلاصة اليومية ص١٠٥ وما بعدها، وشعراء مصر ص٧.

<<  <   >  >>