للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطريقة النثرية الأولى -من الناحية الزمنية- في الأدب الحديث، وقد كان مصطفى لطفي المنفلوطي١، وهو العلم البارز في تلك الطريقة، التي يمكن أن تحمل اسمه، فيقال لها: "طريقة المنفلوطي".

وطريقة المنفلوطي لها سمات أسلوبية واضحة، أهمها: البعد عن التكلف، والنأي عن التقليد، والقصد إلى الصدق، والاهتمام بحسن الصياغة، وجمال الإيقاع ورعاية الجانب العاطفي، ثم الميل إلى السهولة والترسل، وترك التعقيد والمحسنات، فيما عدا بعض السجع المطبوع، الذي يأتي بين الحين والحين للإسهام في موسيقى الصياغة٢.

وقد كان المثل الأعلى لتلك الطريقة، ذلك النثر المرسل الجيد الذي خلفته عصور الازدهار العربية، لكن لم تكن كتابات المنفلوطي مع ذلك محاكاة لتلك النماذج التي يمثلها نثر تلك العصور القديمة، وإنما كانت كتابات -برغم محافظتها- فيها كثير من الإبداع والأصالة، وعليها طابع الكاتب وفيها ملامح شخصيته، والطريقة التي أوضح معالمها المنفلوطي، طريقة محافظة بيانية، أشبه بطريقة شوقي في الشعر، وقد كان المنفلوطي قمة من كتبوا بها منذ رادها محمد عبده في الفترة السابقة، كما كان شوقي قمة من نظموا بالأسلوب المحافظ


١ ولد بمنفلوط سنة ١٨٧٦، وتدرج في تعليمه من الكتاب إلى الأزهر، وحضر دروس الشيخ محمد عبده، ثم ترك الأزهر بعد عشر سنوات، وذلك لغلبة الميول الأدبية عليه، واتجه إلى كتب الأدب ودواوين الشعر، وكتابات محمد عبده وكبار المفكرين وترجماتهم، وقد اتجه إلى الكتابة في الصحف، فكان من كتاب المؤيد البارزين، ثم عينه سعد زغلول محررًا عربيًا في وزارة المعارف، ثم انتقل مع سعد إلى وزارة العدل، ثم فصل بعد خروج سعد من الوزارة، وظل يكتب في الصحف، إلى أن عينه سعد من جديد في وظيفة تحريرية في مجلس الشيوخ بعد أن أعد البرلمان سنة ١٩٢٣، وظل في هذا العمل حتى توفي سنة ١٩٢٤.
اقرأ عنه في: الأدب العربي المعاصر في مصر للدكتور شوقي ضيف ص٢٢٧، المحافظة والتجديد في النثر العربي المعاصر لأنور الجندي، والمنفلوطي حياته وأدبه لمحمد أبو الأنوار "رسالة ماجستير"، واقرأ عنه أيضًا في: Studies on the civiaztion of Islam: Gibb. p. ٢٥٨
٢ اقرأ مقدمة النظرات، والأدب العربي المعاصر في مصر ص٢٣٠، وما بعدها.

<<  <   >  >>