للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصطفى كامل١، الذي يعد علمًا من أعلام الخطابة السياسية في التاريخ الأدبي. فقد كان ذا موهبة خطابية مبكرة، من أهم مظاهرها: التحمس الشديد، والتدفق المنساب، والقدرة البالغة على تحريك مشاعر الجماهير، وإلهاب عواطف المستعمين، ثم المهارة في تفنيد حجج الخصوم، وتدعيم الرأي الذي يدعو إليه، بمزيج من الحجج العقلية، والمؤثرات العاطفية.

وقد كان مصطفى كامل لا يدع فرصة إلا انتهزها، للتشهير بالاحتلال وجرائمه، ثم للمطالبة الحارة بالجلاء والدستور، وتحقيق آمال البلاد٢.

وقد كانت الخطابة من أهم عوامل نجاح مصطفى كامل، بل أصبحت تشكل جزءًا من شخصيته كزعيم، ومن يومها ارتبط النجاح السياسي بالنجاح في الخطابة والقدرة عليها، وأصبحنا نرى جل الزعماء الكبار يهتمون بالخطابة ويتخذون منها وسيلة فعالة من وسائل النجاح.

هذا في المجال السياسي، أما المجال الاجتماعي؛ فقد كان نشاط الخطابة فيه لا يقل عن نشاطها في المجال السياسي، لما عرفنا من أن السياسيين كانوا أيضًا أصحاب دعوات إصلاحية اجتماعية، بل كثيرًا ما كان الخطيب السياسي الناجح هو نفسه الخطيب، والمصلح الاجتماعي الناجح؛ لأن هذا الجيل كان يخوض معركة نضال في عدد من الميادين، وإن كان أهمها الميدان السياسي بطبيعة الحال، ومن هنا جال الخطباء في ميادين الدعوة


١ ولد بمصر سنة ١٨٧٤، وتعلم في المدارس المدنية، ثم درس الحقوق، وأكمل دراسته في فرنسا، وقاد حركة الجهاد الوطني ضد الإنجليز، وكان رئيسًا للحزب الوطني، ونتيجة لكفاحه المتواصل خطيبًا، وكاتبًا في مصر وخارج مصر؛ توفي وهو في عمر الورد سنة ١٩٠٨.
اقرأ عنه: مشاهير الشرق لجورجي زيدان جـ١ ص١١٠، وفي: مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي، وفي: مصطفى كامل في ٣٤ ربيعًا لعلي فهمي، وفي: مصطفى كامل لفتحي رضوان، وفي الجزء الخامس من أدب المقالة الصحفية للدكتور عبد اللطيف حمزة، وفي: تراجم مصرية وغربية للدكتور محمد حسين هيكل.
٢ انظر: مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي ص٤٢٤، والخطابة السياسية لعبد الصبور مرزوق ص٢١٨ وما بعدها "الرسالة المكتوبة على الآلة الكاتبة".

<<  <   >  >>