للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأسباب القوة، فأنشأ مدرسة حربية، ثم مدرسة للطب ليقوم أبناؤها بعلاج الجيش، ثم أنشأ مدرسة للصيدلة، وأخرى للطب البيطري -وأخرى للهندسة- كما أنشأ عددًا من المدارس الابتدائية والتجهيزية١.

وقد استقدم محمد علي -أول الأمر- الأساتذة الأجانب للتدريس في المدارس المختلفة، ونظرًا لعدم معرفة هؤلاء بلغة البلاد أو معرفة التلاميذ بلغتهم، فقد استعان بالمترجمين من السوريين والمغاربة، وغيرهم٢.

كذلك أرسل محمد علي البعثات إلى أوروبا، ليقوم أبناؤها فيما بعد بمطالب الجيش، وللتدريس في تلك المدارس التي هي في خدمة الجيش، وقد تعددت البعثات وتنوعت، بين هندسية وطبية وزراعية وصيدلية وقانونية، وسياسية وكيماوية، كما كان منها بعثات للتخصص في الطباعة والحفر، والميكانيكا وغيرها٣.

وهكذا كان أول لقاء عملي بين المصريين والثقافة الغربية في العصر الحديث.

وقد أنتج هذا اللقاء ثمارًا طيبة، فقد عاد هؤلاء المبعوثون بعلم جديد وعقلية جديدة إلى بلادهم، فعلموا في المدارس وعملوا في المصالح، وترجموا وألفوا وخططوا، وبهذا وضعوا أساس الحركة الثقافية والأدبية الحديثة، كما بدءوا تطوير اللغة بما ترجموا إليها من علوم حديثة، وبما أمدوها به من مصطلحات جديدة، ثم بما عبروا عنه من أفكار وموضوعات منوعة، أكثرها يتصل بالحياة، ويرتبط بموكب الثقافة الإنسانية المتطورة.

وكان من أجل مظاهر ذلك، مدرسة الألسن التي اقترح إنشاءها رفاعة الطهطاوي، وعهد إليه بإدارتها، وكانت تعني بدراسة اللغات الفرنسية


١ انظر: تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان جـ٤ ص١٩ وما بعدها، وتاريخ التعليم في عصر محمد علي لأحمد عزت عبد الكريم.
٢ تاريخ آداب اللغة العربية جـ٤ ص٣٠، ١٦٦.
٣ المصدر السابق: ص٢٠-٢١، وتاريخ التعليم في عصر محمد علي لأحمد عزت عبد الكريم ص٤٣٤-٤٥٣.
وانظر كذلك: Studies on he Civiaztion of Islam, Gibb. p ٢٤٧

<<  <   >  >>