للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أملهم جميعًا أن ينتهوا اليوم من بر الترعة الغربي، أو كما يسميه كاتب المالك "نمرة٢٠"؛ لينتقلوا في الغد إلى نمرة ١٤.

"نزلتا حين رأتا إبراهيم ومن معه مقبلين، وتهادى الكل "صباح الخير"، ثم خرجوا من الحارة إلى سكة البلد، ثم منها إلى سكة الوسط، وهكذا كانوا عند نمرة ٢٠ ساعة مرور وابور الصباح، ولم يتمهلوا أن أخذ كل منهم خطه على وجه الترتيب الذي كانوا عليه أمس.. ارتفعت الشمس حين نقوا خطين، وأرسلت بشعاعها تغمر هامة الشجرات التي ما تزال في مبتدأ حياتها، ومع ذلك يعني بها الفلاح والمالك أكثر من عنايتهما بأبنائهما، واصطفوا للوجه الثالث، بعد أن فصلهم عن الأولين مصرف، فلم ينس إبراهيم أن ينبههم إلى أن هذه الجهة "أغلت" من سابقتها، وتستحق لذلك عناية أكبر، وأنذرهم أنه سيدقق في مراقبتهم، ومن وجد وراءه شيئًا "أوراه شغله١".

هـ- ميلاد القصة القصيرة:

وإذا كانت قصص المنفلوطي -التي احتواها كتاب "العبرات"- تمثل الريادة الأولى غير الناضجة لفن القصة القصيرة٢؛ فإن قصص محمد تيمور٣


١ زبيب ص١٣ وما بعدها.
٢ اقرأ المقال الذي عنوانه: "القصة التهذيبية البيانية" ص١٧٩ من هذا الكتاب.
٣ ولد سنة ١٨٩٢، ونشأ في بيت أبيه العالم الأديب أحمد تيمور، وتلقى علومه أولًا في مصر حتى أتم مرحلة الثانوية، ثم سافر إلى أوروبا لاستكمال دراسته العالية، فاتجه أولًا إلى برلين لدراسة الطب، ولكنها ما لبث أن تركها إلى باريس لدراسة القانون، غير أنه وجه كل همه إلى قراءة الأدب، ومشاهدة المسرح، فلم يوفق في دراسته القانونية النظامية على حين نجح في دراسته الفنية الحرة، وبعد ثلاث سنوات عاد إلى مصر في إجازة سنة ١٩١٤، وكانت الحرب العالمية الأولى قد شبت، فحالت بينه وبين العودة إلى باريس، فاتجه إلى مدرسة الزراعة العليا، ولكنه لم يواصل الدراسة بها لعدم اتفاقها مع ميوله، وانصرف إلى الحق الأدبي والفني، فاشتغل بالمسرح تأليفًا وتمثيلًا، ثم عين أمينًا للسلطان حسين، فهجر التمثيل واقتصر على التأليف، وفي هذه الفترة كتب سلسلة قصصه =

<<  <   >  >>