للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متأثرًا إلى درجة كبيرة "بموباسان" القصصي الفرنسي الشهير١، كما كان محمد تيمور كذلك على صلة بالمحاولات التي سبقت محاولته في الأدب المصري الحديث، وكان متأثرًا أيضًا بما كتبه المنفلوطي، ولذا نجد في قصصه القصيرة الأولى آثار ذلك كله؛ ففيها كثير من المعالم الفنية للقصة القصيرة كما عرفت عند كتاب الغرب، وعند "موباسان" بصفة خاصة، ويبدو ذلك في واقعيته الصادقة، واتجاهه إلى الأحداث العادية والمشكلات اليومية، واهتمامه بالأناس البسطاء، ثم نجد في قصص محمد تيمور الأولى أيضًا بعض آثار المنفلوطي، التي تبدو أحيانًا في إدارة الكاتب الحديث حول نفسه، وكأنه بطل من أبطال القصة، كما تبدو كثيرًا في خلق الأجواء العاطفية، وإثارة المشاعر الحانية نحو الفقراء والمساكين وضحايا المجتمع على وجه العموم، ثم تبدو أحيانًا أخرى في التقديم للقصة بمقدمة تصور الحالة النفسية للكاتب، والغالب على هذه الحالة أن تكون حالة ضيق، أو حزن أو قلق غير معروفة الأسباب من جانب الكاتب، وإن كانت القصة بعد ذلك تفسر هذه الأسباب، أو توحي بها على أقل تقدير.

وأولى قصص محمد تيمور، وهي قصة "في القطار" التي نشرها سنة ١٩١٧ ٢. والتي تمثل ميلاد القصة القصيرة الفنية في الأدب المصري الحديث٣، تؤكد هذه الحقائق، كما تؤكد في الوقت نفسه سيطرة روح الفترة


١ اقرأ شفاء الروح -الفصل الأول، ففيه يقرر محمود تيمور أن شقيقه امتدح له "موباسان" غير مرة حين فتن به، واقرأ مقدمة قصة "ربي لمن خلقت هذا النعيم" لمحمد تيمور في مجموعة ما تراه العيون، ففيها يصرح بأنه يقتبس عن "موباسان".
٢ نشرت في مجلة السفور التي كان يصدرها عبد الحميد حمدي من سنة ١٩١٥ إلى سنة ١٩٢٤.
٣ هذا ما يراه الأستاذ عباس خضر حسب استقرائه، وهو ما نطمئن إليه بالنسبة للأدب المصري على الأقل، أما بالنسبة للأدب العربي الحديث بعامة، فقد رأى الدكتور محمد يوسف نجم أن قصة العاقر لميخائيل نعيمة أسبق من محاولات محمد تيمور الأولى، ويحدد سنة ١٩١٥ تاريخًا لنشر قصة نعيمة، اقرأ: القصة القصيرة في مصر لعباس خضر ص١١٤، والقصة في الأدب العربي الحديث للدكتور محمد يوسف نجم ص٢١٧.

<<  <   >  >>