للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السعادة كبقية الصبية في ذلك اليوم، ويدخل في معارك مع بعض الصبية المحظوظين السعداء، وبرغم أنه ينتظر عليهم، يظل عاجزًا عن الانتصار على فقرة وحرمانه، وتعاسته١.

ومحمد تيمور يميل أحيانًا في بعض قصصه إلى تحليل الميول، والكشف عن الطبائع، ولمس أغوار النفوس، وأوضح مثال لذلك قصة "كان طفلًا فصار شابًا"، وهي قصة يصور فيها تطور عاطفة مربية إزاء ربيب نشأته، ويبرز كيف تطورت هذه العاطفة من حب أم لطفل، إلى عشق امرأة لفتى٢.

ولم تكن مجموعة "ما تراه العيون" مؤلفة كلها؛ بل كان بعضها مقتبسًا، وقد صرح بذلك المؤلف في أمانة، فقصة "ربي لمن خلقت هذا النعيم" قد اقتبس فكرتها من قصة لـ"موباسان" هي "ضوء القمر"، وقد قدم محمد تيمور لتلك القصة حين نشرها بمقدمة صرح فيها بأنه بدل أشخاصها، وزمانها ومكانها وموضوعها، ومصر كل شيء فيها، حتى لم يبق من الأصل إلا روح الكاتب٣.

وهذه القصة -تحكى بعد التبديل- حكاية رجل غني أراد أن يزوج ابنته بشاب من طبقته، لكنها رفضت، وأصرت على الرفض، برغم ضغوط الأب وحزن الأم، ولاذت بالصمت، ولم تبح بسبب رفضها لهذا الزواج المأمول في نظر الأبوين، وقد أرق الأب ذات ليلة، فخرج إلى حديقة المنزل، وراعة منظر القمر وهو يكسو بأشعته الفضية أشجار الحديقة، فثار في نفسه هذا السؤال "ربي لمن خلقت هذا النعم؟ "، وما انتهى من تساؤله حتى لمح في الحديقة شبحين: فتاة حسناء وفتى وسيمًا، وكان الفتى يقول لفتاة: "أنا مرغم على تركك يا حبيبتي، وإني أقسم لك أني سأبقى على عهد حبي الطاهر الشريف، إلى أن يضم عظامي القبر"، وتبين الرجل أن الفتاة ابنته، وأن الفتى


١ انظر: ما تراه العيون ص٤٧ وما بعدها.
٢ اقرأ القصة في: ما تراه العيون ص٦٧ وما بعدها.
٣ اقرأ القصة في: ما تراه العيون ص٥٧.

<<  <   >  >>