للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كتبت تلك المسرحية باللغة الفصحى المسجوعة، وتخللها قطع وأبيات من الشعر، مما أضاف إلى عيوبها السابقة عيبًا آخر، هو عيب اللغة المصنوعة التي لا تلائم الشخصيات وتطور الأحداث وتصور الجو، بقدر ما ترضى نزعة الالتفات إلى التراث، وإرضاء حاجة المشاهدين١.

على أننا إذا تذكرنا أن تلك المسرحية قد كتبت في هذا العهد المبكر، وتحت تلك الظروف التي عرفناها، وما كان فيها من عامية وركاكة من جانب، ومحافظة واهتمام بالفصحى، ورعاية للتراث من جانب آخر، إذا تذكرنا ذلك عطفنا على تلك المحاولة المبكرة، واعتبرنا صاحبها رائدًا مستحقًا للثناء.

ب- مسرحية علي بك الكبير:

وإذا كانت مسرحية "المعتمد بن عباد"، أو الأدب المسرحي النثري، فإن "علي بك الكبير" لأحمد شوقي أول الأدب المسرحي الشعري، وقد ألفها شوقي، وهو في باريس سنة ١٨٩٣، بعد أن أتيح له أن يتصل بالأدب الفرنسي، ويشاهد المسرحيات في العاصمة الفرنسية.

وقد صور شوقي في تلك المسرحية عصر المماليك، وما فيه من مساوئ سياسية واجتماعية، واختار بطلًا لمسرحيته علي بك الكبير، الذي كان مملوكًا طموحًا، استقل بمصر عن الأتراك، وتلقب بلقب سلطان سنة ١٧٦٩، ووسع رقعة ملكه بالاستيلاء على اليمن وجدة ومكة، ثم غزة ونابلس والقدس ويافا وصيدا ودمشق، وقد احتال الأتراك لدرء خطر هذا المملوك، باصطناع مملوك آخر هو محمد أبو الذهب، الذي كان علي بك الكبير قد تبناه من قبل ورباه، فغدر أبو الذهب بعلي بك الكبير، بإيعاز من الأتراك، وما زال به حتى قتله، وخلفه في الولاية على مصر، وقد رأى المؤلف أن يضيف إلى ذلك الصراع بين علي بك الكبير، ومحمد أبي الذهب، قصة غرام بين مملوك ثالث هو


١ انظر: المسرحية للدكتور يوسف نجم ص٢٩٨ وما بعدها، والمسرح النثري للدكتور مندور الحلقة الأولى ص٣٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>