ولكن ما هي تلك المسرحيات التي يمكن أن تعتبر أول الأدب المسرحي المصري الحديث، الحق أنه يمكن أن تعتبر مسرحية "المعتمد بن عباد" أول مسرحية تدخل في هذا الباب، وقد ألفها إبراهيم رمزي١ سنة ١٨٩٢ معتمدًا على فترة تاريخية تتصل بتاريخ العرب في الأندلس، ومختارًا من بين صفحاتها ثلاث حوادث كبيرة. الأولى ما كان بين الملك الأندلسي المعتمد بن عباد، ووزيره الشاعر أبي بكر بن عمار، من صداقة انتهت بعداوة أدت إلى قتل الوزير. والثانية غزو الأذفونش "ألفونس السادس" لإشبيلية، واستنجاد الأندلسيين بالمرابطين في شمال أفريقيا، ومجيء يوسف بن تاشفين لنجدة أهل الأندلس، ثم عودته إلى المغرب وقد طمع في الاستيلاء على تلك البلاد التي استنجدت به، أما الحادثة الثالثة، فهي ما كان من أمر هذا الجيش الذي خلفه ابن تاشفين في الأندلس، وما كان من تقويضه لملك المعمتد وأسره، ثم نقله إلى سجن أغمات في شمال إفريقيا، حيث قضى نحبه بعد أن فجع بوفاة زوجته اعتماد.
والواقع أن تلك المسرحية لم تكن ناضجة ولا قريبة من الناضجة، وذلك؛ لأن المؤلف قد اقتصر على سرد المعلومات التاريخية عن طريق الحوار، دون أن يضيف شيئًا أو يحذف شيئًا، كما تقتضي طبيعة التأليف المسرحي المعتمد على مادة التاريخ، ومن هنا جاءت المسرحية على كثير من التفكك، وليست فيها مراعاة لإطاري الزمن والمكان المعقولين، كما أنها لا تعطي تفسيرًا مقنعًا لما وراءها من مآس، ولا هدفًا محددًا لما تعرضه من أحداث، وكل ما في الأمر أنها أشبه بفصول التاريخ التي اتخذت شكل المسرحية، ولغة الحوار الدرامي.
١ اقرأ عنه في: المسرح النثري للدكتور مندور الحلقة الأولى. وفي: طلائع المسرح العربي لمحمود تيمور ص٤٧ وما بعدها.