للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلك العناصر الفنية في مسرحية شوقي، هي: الحبكة، والتعقيد، والحل، والتشويق، والمفاجآت، وحيوية الحوار إلى حد كبير١. وبرغم ذلك لم تصادف النجاح الذي كان شوقي ينتظره، ولم ير تشجيعًا يدفعه إلى مواصلة الكتابة للمسرح في ذلك العهد المبكر، فآثر الشعر الغنائي، واهتم منه بشعر المدح، وما يشبهه من الشعر السياسي والاجتماعي، الذي يحقق له التفوق بسرعة، ويوصله إلى منصب شاعر الأمير، ثم أمير الشعراء، وظل لا يعاود الكتابة للمسرح إلى سنة ١٩٢٧، حين تقدم الوعي الفني، وازدهر المسرح المصري، وظهرت فرق تمثيلية جيدة، فعاد يكتب سلسلة مسرحياته المعروفة، ثم يعيد مسرحيته الأولى، ويحاول تلافي بعض ما كان فيها من عيوب٢.

وهكذا يمكن اعتبار هذين العملين بداية الأدب المسرحي المصري.. وقد تبعث هذين العملين أعمال أخرى لمؤلفين مصريين آخرين، وهي أعمال تتفاوت في قربها من المسرحية الفنية الناضجة، ولكنها جميعًا تشترك في أنها تمثل الطلائع الأولى لهذا الفن، كما تشترك في أنها تمثل روح العصر إلى حد كبير، وهذا يتضح في اتجاهها إلى التاريخ العربي المجيد واستلهامه أولًا، ثم في الاهتمام باللغة الفصحى، ومزجها بالشعر ثانيًا، ثم في التعريض ببعض المفاسد التي جرها الاحتلال، ويحاول المصريون التخلص منها آخر الأمر، ومن أمثلة ذلك، مسرحية "فتح الأندلس" لمصطفى كامل، التي ضمنها بعض الخطب، والشعر الحماسي والأناشيد، وهاجم فيها الطغيان والاحتلال، متأثرًا بموقفه كزعيم لحركة تحررية وطنية٣، ومن أمثلة تلك المسرحيات أيضًا "حياة مهلهل بن ربيعة، أو حرب البسوس" لمحمد عبد المطلب ومحمد عبد المعطي مرعي، ثم "حياة امرئ القيس" للمؤلفين نفسيهما، وهاتان المسرحيتان الأخيرتان تقومان تقريبًا على سرد التاريخ، والقصائد دون إعمال خيال أو تصرف فني،


١ مسرحيات شوقي لمندور الحلقة الأولى ص٤٧، والمسرحية لنجم ص٣٠٣.
٢ مسرحيات شوقي لمندور ص٤٠.
٣ المسرحية ليوسف نجم ص٣١٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>