للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحول مادة التاريخ إلى عمل مسرحي حي١؛ فهما دون المسرحيات الأخرى، ولكنهما تدخلان في نتاج تلك المرحلة المبكرة، وتتسمان بالطابع العام، الذي يستلهم التاريخ، ويرعى الفصحى والشعر.

جـ- مسرحية أبطال المنصورة:

ثم تخطو هذه المرحلة البادئة خطوات أفسح، وتظهر بعض المسرحيات الأدنى إلى النضج، والتي تمثل أحسن ما عرفت تلك الفترة من أدب مسرحي، وتأتي في مقدمة هذه المسرحيات مسرحية "أبطال المنصورة" التي ألفها إبراهيم رمزي سنة ١٩١٥، بعد أن تمكن من فن الأدب المسرحي، واكتسب فيه ثقافة أجنبية، هيأتها له رحلته إلى إنجلترا، ودراسته فيها للأدب التمثيلي، واختلافه إلى المسارح الإنجليزية، أيام ازدهار مسرحيات "إبسن" و"برناردشو"٢.

ومن هنا جاءت مسرحية "أبطال المنصورة" خالية من أهم تلك العيوب التي شابت مسرحيته السابقة "المعتمد بن عباد"، فقد جاءت مسرحية بعيدة عن أن تكون مجرد سرد للتاريخ؛ بل فيها من التاريخ فقط ما يخدم الهدف ويلائم الفن. وفيها من الخيال والإبداع إضافات وتعديلات، لا تتنافى مع روح التاريخ، ولا مع منطق الحياة، وهذه الإضافات والتعديلات تعين في الوقت نفسه على خلق الحركة الدرامية، واستخدام عنصر التشويق والمفاجأة، ثم توفير الصراع الداخلي والخارجي، حتى لقد اعتبر بعض النقاد الكبار هذه المسرحية من أروع ما كتب في هذا الفن في الأدب العربي، بل قال: "لعلها تسمو إلى مستوى الأدب الفني العالمي الرفيع"٣.

وتصور مسرحية "أبطال المنصورة" جانبًا من الحروب الصليبية التي


١ المصدر السابق ص٣٢١-٣٢٥.
٢ المسرح النثري للدكتور محمد مندور الحلقة الأولى ص٣٥.
٣ المصدر السابق.

<<  <   >  >>