للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جرت في مصر، وانتهت بانتصار أمرائها محسن وأقطاي وبيبرس، على تلك الحملة الفرنسية التي نزلت دمياط بقيادة لويس التاسع، وانتهت بمعركة المنصورة التي قتل فيها بيبرس أخا الملك لويس، ثم أسر الملك نفسه، وسجنه في البيت المعروف ببيت القاضي لقمان في المنصورة، وأخيرًا أطلق الملك الفرنسي بفدية كبيرة بعد أن تعهد بألا يعود إلى مثل تلك الحرب.

وقد طعم المؤلف تلك الأحداث البسيطة بعناصر خيالية لا تتعارض مع روح التاريخ، ولا مع منطق الحياة الإنسانية، فابتكر شخصيات خيالية، واستخدمها في تحريك الأحداث، وإثارة التشويق، وإعداد المفاجآت، وحقق بها عنصرًا دراميًا هامًا في المسرحية، ومن تلك الشخصيات شخية هبة الله، الذي رسمه طبيبًا خاصًّا للملك الصالح أيوب ولزوجته شجرة الدر، وجعله يلعب في المسرحية دور الدسيسة، ويبرر المؤلف ذلك بجعل أصله فرنسيًا، ولكنه تربى في مصر، فلم ينس أصله والعمل لمصلحة الفرنسيين ضد من ائتمنوه على أنفسهم. وينتهي أمر هذا الخائن بأن يفضح، ويقتله بيبرس في نهاية المسرحية.

ولم يفت المؤلف أن يقيم عقدة غرامية خلال تلك الأحداث، فيجعل بيبرس محبًا لصفية أخت شجرة الدر، ويدخل هبة الله منافسًا له في هذا الغرام.

ومع أن الهدف الأساسي للمسرحية قد كان إظهار بطولة المسلمين، وسماحتهم في الحروب الصليبية، وانتصارهم بفضل شجاعتهم دون التجاء إلى الخديعة والغش كما كان يفعل الصليبيون خلال حروبهم مع المسلمين؛ لم يغفل إبراهيم رمزي جوانب الضعف البشري الطبيعي الذي في نفوس الأبطال المسلمين كبشر، وقد تجلى ذلك في البطل الكبير بيبرس، وذلك حين صوره المؤلف في بعض المواقف محتاجًا إلى العطف، ظامئًا إلى الحنان كغيره من الرجال، ومن تلك المواقف، هذا الموقف الذي كان بينه وبين شجرة الدر، والذي يشكو فيه لوعته لغياب حبيبته صفية، التي كان قد أخفاها الدسيسة "هبة الله".. وهذا جزء من الموقف:

<<  <   >  >>