للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم تفرع عن هذا الحزب، حزب "الأحرار الدستوريين" مؤلفًا من الخارجين من الوفد، والمعارضين لسياسة سعد زغلول رئيس الوفد١، وهكذا جاء حزب "الوفد" وحزب "الأحرار" امتداد لحزب الأمة، حيث كان على رأس الأول سعد زغلول، المناصر في الفترة السابقة لذلك الحزب، والمؤازر لمفكرة لطفي السيد، كما كان على رأس الثاني عدلي يكن، ثم عبد العزيز فهمي، ثم محمد محمود، وكلهم ربيب حزب الأمة، بل إن ثالثهم كان ابن الرئيس الأول لذاك الحزب٢.

وبرغم أن حزب "الوفد" كان في عهوده الأولى يقود القوى الشعبية، ويمثلها من الناحية السياسية إلى حد كبير، قد كان في المجال الفكري كحزب "الأحرار" يمثل روح حزب الأمة، من حيث الاتجاه إلى الغرب واستدبار الشرق، ومن حيث الاعتماد أساسًا على فكرة الوطنية المحلية، وعدم الاتساع بها إلى فكرة القومية العربية، أو الجامعة الإسلامية.

وقد ساعد على ذلك استخدام هذين الحزبين الرئيسيين -اللذين يمثلان هذا الاتجاه الفكري- لطائفة من الكتاب الكبار، الذين كانوا في جملتهم من أصحاب هذا الاتجاه٣.


١ انظر: في أعقاب الثورة المصرية لعبد الرحمن الرافعي جـ١ ص٦٨.
٢ انظر: ثورة سنة ١٩١٩ جـ١ ص٧٥، وفي أعقاب الثورة المصرية جـ١ ص٦٨، والاتجاهات الوطنية جـ٢ ص١٢٩ "هامش".
٣ كان من صحف الوفد: "البلاغ" و"البلاغ الأسبوعي" و"كوكب الشرق"، وكان من صحف الأحرار: "السياسة"، و"السياسة الأسبوعية"، وكان من كتاب الوفد في أوائل تلك الفترة: عباس العقاد وسلامة موسى، كما كان من كتاب الأحرار في أوائل تلك الفترة: هيكل وطه حسين. وقد ظل العقاد كاتب الوفد الأولى حتى سنة ١٩٣٥، حين هاجم وزارة توفيق نسيم لعدم إعادتها للدستور، الذي يحقق آمال البلاد، فغضب مصطفى النحاس لهجوم العقاد على نسيم الذي كان في نظر النحاس تمهيدًا لعودة الوفد إلى الحكم، وإزاء إصرار العقاد على مهاجمة نسيم فصله الوفد "انظر: العقاد دراسة وتحية ص٦٥، وما بعدها".
أما طه حسين فقد ظل مواليًا للأحرار، حتى سنة ١٩٣٢ حين أخرجه صدقي من الجامعة، وكان الوفديون والأحرار متضامنين لمحاربة صدقي، فأخذ طه حسين يكتب في صحف الوفد باسم هذا التضامن أولًا، وما زال يقرب من الوفد حتى لم يعد مع الأحرار حين فضوا التضامن، بل حتى صار وزيرًا في وزارة الوفد بعد ذلك بسنوات.
"انظر: مجلة الهلال -أول فبراير سنة ١٩٦٦ ص ١٦١ و"طه حسين الكاتب والشاعر"، لمحمد السيد كيلاني".

<<  <   >  >>