للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بدأ هذا الاتجاه حادًّا في السنوات العشر الأولى من سني هذه الفترة، ومثل ما يشبه المراهقة الفكرية، أو الحيرة "الأيديلوجية" التي تبحث عن المثل في عصبية واندفاع، فتخطئه كثيرًا، ولا تكاد ترى وجه الحق إلا بعد جهد، ومن هنا دعا أصحاب هذا الاتجاه إلى خلق الأدب القومي١، كما دعوا إلى استلهام الماضي الفرعوني٢، ونادوا باتباع الغرب حينًا٣، وبالارتباط بشعوب البحر الأبيض حينًا آخر٤.

ثم بدأ أصحاب هذا الاتجاه يهدئون من ثورتهم، ويعدلون من خطتهم، بل بدأوا يقربون كثيرًا من نقطة الإشراق في الماضي العربي الإسلامي، ويخففون من اندفاعهم نحو كل ما هو غربي، فبدأ الدكتور محمد حسين هيكل، الذي احتضن دعوة الفرعونية حينًا، ودعوة الأدب القومي حينًا آخر، والذي جعل الغرب، وقيمه ورجالاته مثلًا أعلى في بعض الأحايين٥؛ بدأ يكتب عن "حياة


١ قام بهذه الدعوة طائفة من كتاب السياسة الأسبوعية "وفي مقدمتهم، هيكل، "انظر: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر جـ٢ ص١٣٧ وما بعدها". وانظر: "في أوقات الفراغ" و"ثورة الأدب" للدكتور محمد حسين هيكل.
٢ تزعمت صحيفة "السياسة الأسبوعية" كذلك هذا الاتجاه الذي تبناه الدكتور محمد حسين هيكل أيضًا فترة من حياته، قبل أن يتحول إلى الاتجاه الإسلامي. "انظر: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر للدكتور محمد حسين جـ٢ ص١٣٥ وما بعدها".
٣ كتب في ذلك كثيرون مثل طه حسين، ومحمود عزمي وهيكل. "انظر: أعداد السياسة الأسبوعية منذ سنة ١٩٢٦".
٤ كتب في ذلك طه حسين، وبسط فكرته عن هذا الموضوع في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر".
٥ لقد كتب في أول عهده عن "جاك جاك رسو"، حيث أخرج عنه كتابًا في جزأين، الأول سنة ١٩٢١، والثاني سنة ١٩٢٣، كما كتب عن آخرين من قادة الفكر الغربي مثل: "أناتول فرانس"، و"بيرلوتي" اللذين كتب عنهما في كتابه "في أوقات الفراغ" الذي ظهر سنة ١٩٢٥.

<<  <   >  >>