للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأدباء؛ فنتيجة للشعور باستقلال الشخصية والإحساس بالحرية، قد حاول كل أن يؤكد ذاته ويميز أسلوبه، ويذيع طريقته، وقد ساعد الصراع على تحقيق تلك الغاية، بدفعه لكل كاتب أن يكون المتفوق والمميز والمفضل، وهكذا تكاملت في هذه الفترة -ولأول مرة- أساليب طه حسين والعقاد والزيات والرافعي، وغيرهم من أعلام الكتاب١.

وأخيرًا كان من أهم نتائج الشعور باستقلال الشخصية وبالحرية الفردية، ظهور في فن التراجم الذاتية، تلك التي يؤرخ فيها الأديب لحياته ويكتب عن نفسه، على نحو ما فعل طه حسين في "الأيام" التي بدأ ينشرها مقالات في مجلة الهلال سنة ١٩٢٦، ثم أخرجها في كتاب بعد ذلك٢.

وهكذا يمكن أن يقال: إن الطريق الشائك الذي سلكه أدب تلك الفترة، والذي تردد فيه بين الثورية والمحافظة، قد وصل به آخر الأمر إلى معالم محددة، وأول هذه المعالم، أن الأدب قد غلب عليه الاتجاه التجديدي، الذي تزعمه أصحاب التيار الفكري الغربي، وأصبح الاتجاه المحافظ في هذه الفترة في المحل الثاني، بعد أن كانت له الغلبة في الفترة السابقة، كذلك صار مؤيدو هذا الاتجاه المحافظ يبذلون أقصى الجهد لمساندة فريقهم، والاحتفاظ بوجودهم، ويحاولون جاهدين، أن يطوروا أنفسهم ويعدلوا طريقتهم، لكن ذلك لم يمنح أدبهم الصدارة، بعد أن أكد غلبة الاتجاه التجديدي، أعلامٌ مقتدرون، مثل هيكل والعقاد وطه حسين.

كذلك كان من أهم المعالم التي انتهت إليها مسيرة الأدب في تلك الفترة، استكمال أهم ملامح شخصيته، واستيفاء بقية فنونه، وسوف نرى تفصيل كل ذلك -إن شاء الله- فيما يلي من فصول.


١ سوف توضح خصائص كل أسلوب حين يكون الحديث عن النثر في تلك الفترة إن شاء الله في المقال "١- المقالة وتميز الأساليب الفنية".
٢ ظهر الجزء الأول من الأيام سنة ١٩٢٧، وظهر الجزء الثاني بعد ذلك.

<<  <   >  >>