للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا نجد أعلام الاتجاه الشعري المحافظ، يشاركون بشعرهم -خلال فترة الصراع- في القضايا السياسية الداخلية، أكثر مما يهتمون بالشئون الوطنية الخارجية، أو بتعبير أدق، نجدهم يتحولون بشعرهم إلى ميدان الصراع الداخلي. ويولون هذا الميدان اهتمامًا أكثر من الاهتمام بميدان النضال الوطني، فقد أصبح الدستور والبرلمان اهتمامًا أكثر من الاهتمام بميدان النضال الوطني، فقد أصبح الدستور والبرلمان، والأحزاب والزعماء شغل الناس الشاغل، ولما كان من طبيعة هذا الاتجاه المحافظ أن يعبر عما يشغل الناس، وأن يسهم في الحياة السياسية كما يعيشها الناس، نراه في هذه الفترة يهتم في المحل الأول بقضايا الدستور، وأحداث البرلمان، ومشكلات الأحزاب، وتقويم الزعماء، وما إلى ذلك، كل هذا مع اختلاف في وجهات النظر بين الشعراء في بعض المسائل، في ذاك الوقت.

فحين تتأهب الامة لتأليف برلمانها بعد أن فازت بالدستور المضطهد، والاستقلال المقيد، يتحدث شوقي سنة ١٩٢٢ عن هذا البرلمان المأمول، ويدعو المواطنين إلى انتخاب الواعين الجديرين بالنيابة، فيقول:

دار النيابة قد صفت أرائكها ... لا تجلسوا فوقها الأحجار والخشبا

اليوم يا قومن إذ تبنون مجلسكم ... تبنون للعقب الأيام والحقبا١

ويردد الفكرة نفسها في قصيدة أخرى سنة ١٩٢٤، فيقول:

دار النيابة هيئت درجاتها ... فليرق في الدرج الذوائب والذرا

الصارخون إذا أسيء إلى الحمى ... والذائدون إذا أغير على الشرى

لا الجاهلون العاجزون ولا الأولى ... يمشون في ذهب القيود تبخترا٢

ثم يقول سنة ١٩٢٥، منددًا بإغلاق البرلمان، مشهرًا بالعدوان عليه على أثر الانقلاب الدستوري الأول٣.


١ الشوقيات جـ١ ص٧٣-٧٤.
٢ الشوقيات جـ١ ص١٧٩.
٣ وهو الانقلاب الذي تولى الوزارة على أثره زيور.

<<  <   >  >>