للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونصره المؤيد ... وعزه المشيد

في عصره مجدنا يعود١

فالشاعر فضلًا عن تلوينه للقوافي في هذا النشيد، قد استخدم بحرين، إذ استخدم مخلع البسيط في الأشطر الطوال، واستخدم مجزوء الرجز في الأشطر القصار، وهذا ما لم يجرؤ عليه إلا أئمة التجديد من الوشاحين أنفسهم.

وأغلب الظن أن رفاعه -رائد هذا الشعر الوطني، ورائد فن النشيد بصفة خاصة- قد تأثر بما قرأ وسمع من شعره فرنسي، وربما تأثر في هذا الباب بالذات، بنشيد المارسيلييز -نشيد الثورة الفرنسية المعروف- الذي ترجمه رفاعة ضمن ما ترجم من آثار الفكر الفرنسي٢، وأغلب الظن كذلك أن رفاعة كان على معرفة ببعض نماذج الموشحات التي من خصائصها تنوع الأوزان والقوافي. وقد استطاع رفاعة بذكاء أن يطوع هذا القالب الغنائي الأندلسي لمضمونات وطنية وحماسية، فكانت بواكير الأناشيد في الأدب الحديث.

وخلاصة القول في شعر تلك الفترة إذن، أن الطابع العام كان الطابع التقليدي المتخلف الرديء، الذي منه نماذج تعمد إلى الألاعيب والمحسنات، كأكثر نماذج الشيخ الدرويش، والشيخ الشهاب، ومنه نماذج تنجو من الألاعيب والمحسنات، ولكن تتورط في السطحية والاهتزاز والفتور، وبالإضافة إلى هذا الطابع العام كانت توجد نماذج قليلة أقرب إلى روح الشعر، كبعض نماذج الشيخ العطار، ثم كانت توجد نماذج أقل، تحمل بواكير التجديد، كوطنيات الطهطاوي وأناشيده، وكأناشيد تلميذه صاحل مجدي، فهذه الفترة على طابعها التقليدي المتخلف الرديء، قد حوت في آخرها بذور التجديد الشعري الذي سيتضح في الفترة التالية:


١ انظر: رفاعة الطهطاوي للدكتور أحمد بدوي ص١٢٢.
٢ حول ما ترجمه رفاعة متصلًا بالأدب، اقرأ: رفاعة الطهطاوي للدكتور أحمد بدوي ص١٨٢، وما بعدها.

<<  <   >  >>