للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ربما كان من أقساها عليه إقذاع صديقه المازني في نقده، وإقرار صديقه العقاد لهذا النقد، بنشره في كتاب الديوان الذي أصدراه معًا، والذي اتهم فيه شكري بالجنون، وسمي صنم الألاعيب، ونصح بالانصراف عن التأليف ليريح أعصابه المختلة، ويريح القراء من جهوده العقيمة١!!

كذلك كان من أسباب انحسار هذا الاتجاه -ومن مظاهره أيضًا- انصراف المازني عن الشعر، منذ أصدر ديوانه الثاني سنة ١٩١٧، فقد اتجه إلى الصحافة، وآثر القصة والمقال من بين فنون الأدب، حيث لم يعد يرى الشعر كافيًا لسد حاجاته أولًا، ولا للتعبير الطليق عما يريد أن يعالج من شئون الحياة ثانيًا، وقد حول تأملاته وذهنياته الشعرية، إلى لون من السخرية الواعية، أجاد استخدامه فيما كان يكتب من مقالات اجتماعية، ومن قصص أو صور قلمية٢.

وهكذا بقي العقاد وحده من زعماء الاتجاه التجديدي الذهني يواصل كتابة الشعر، ولكنه لم يجعل الشعر همه أو فنه الأدبي الأول، بل انصرف هو الآخر إلى الصحافة والكتابة السياسية أولًا، ثم إلى التأليف الأدبي والإسلامي أخيرًا، حتى اعتبر في طليعة الكتاب السياسيين في أوائل هذه الفترة، ثم اشتهر كعلم من أعلام الكتابة الأدبية والإسلامية في آخريات تلك السنوات٣.


١ انظر: الديوان جـ١ ص٤٨ وما بعدها، وجـ٢ ص٨٥ وما بعدها.
هذا وقد نشر شكري بعد فترة من توقفه عددًا من القصائد المتفرقة حين كان يلح عليه خاطرًا، أو فكرة وحين كان يتغلب طبعه الأدبي على تأزمه النفسي، فقد نشر قصيدة الطفل في الهلال في أغسطس سنة ١٩٣٢، ثم نشر عدة قصائد في سنتي ١٩٣٥ و ١٩٣٦ بالرسالة والمقتطف، والمجلة الجديدة، ثم عاد فنشر بعض القصائد في سنة ١٩٤٩.
انظر: مقدمة ديوان عبد الرحمن شكري بقلم نقولا يوسف ص١٠-١١.
٢ انظر: أدب المازني للدكتورة نعمات فؤاد ص١١٣-١١٤، ومحاضرات عن إبراهيم المازني للدكتور محمد مندور ص٤١.
٣ انظر: مع العقاد لشوقي ضيف ص٣٨-٥١. وانظر: العقاد دراسة وتحية=

<<  <   >  >>