للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا كان الصراع بين "الاتجاه المحافظ البياني" و"الاتجاه التجديدي الذهني"، من أهم العوامل التي هيأت لظهور "الاتجاه الابتداعي العاطفي"، وتبصيره بكثير من قيم الشعر، فأخذ ما أخذ، وطرح ما طرح، وليس من شك في أن جهود رواد "الاتجاه التجديدي" العقاد وشكري والمازني، قد كانت من أهم ما أفاد منه هذا "الاتجاه الابتداعي" الذي ليس إلا خطوة أفسح نحو التجديد١.

وهناك عامل ثان من العوامل التي هيأت لظهور هذا الاتجاه، وهو التأثر بشعر "الرومانتيكيين" الأوروبيين، وبالإنجليز منهم بصفة خاصة، فقد كان رواد هذا الاتجاه من شعراء الشباب -في ذلك الحين- مثقفين ثقافة أوروبية، ومجيدين بصفة خاصة للغة الإنجليزية، ومتعلقين بصفة أخص بشعر "الرومانتيكيين" الإنجليز٢؛ فأحمد زكي أبو شادي٣ الذي


١ انظر: "جماعة أبولو" لعبد العزيز الدسوقي ص٢٧، ١٥٦ وما بعدها، ٢٧٨، ٣١٥.
٢ اقرأ اعتراف ناجي بتأثره هو وزملائه بالثقافة الإنجليزية في مقدمة: "أطياف الربيع" لأحمد زكي أبو شادي ص"ل"، واقرأ كذلك رائد الشعر الحديث لمحمد عبد المنعم خفاجى جـ٢ ص٢٨١، واقرأ أيضًا: محمد عبد المعطي الهمشري لصالح جودت ص٣١، وعلي محمود طه للسيد تقي الدين السيد "مقدمة صالح جودت ص٦ وص٣٤، ٣٥ من هذا الكتاب".
٣ ولد أحمد زكي أبو شادي سنة ١٨٩٢ بالقاهرة، وتلقى بها تعليمه الابتدائي والثانوي، ثم التحق بمدرسة الطب ومكث بها سنة، ثم انقطع عن الدراسة عامًا نتيجة لصدمة عاطفية، وسافر بعدها إلى إنجلترا لإتمام دراسته العالية هناك، وظل بها من سنة ١٩١٢ إلى سنة ١٩٢٢، ثم عاد وقد أتم دراسة الطب، وتخصيص في علمي الأمراض الباطنية والجراثيم، وعمل بعد عودته إلى الوطن في الوظائف الحكومية بين القاهرة والإسكندرية وبورسعيد، حيث تدرج في السلم الوظيفي من طبيب "بكتريولوجي" إلى مدير معمل، إلى وكيل لكلية طب الإسكندرية سنة ١٩٤٢، وفي سنة ١٩٤٦ آثر الهجرة إلى أمريكا، واستقر بها حتى مات سنة ١٩٥٥، وكان إلى تخصصه في الطب و"البكتريولوجي" هاويًا للنحالة والتعاون مفتونًا بالأدب والشعر بصفة خاصة، وقد كان أشرب حب الأدب من أبيه وأصدقاء أبيه، فهو ابن محمد بك أبي شادي المحامي، والصحافي صاحب جريدة "الإمام" الأسبوعية و"الظاهر" اليومية، وقد كان من أصدقائه ورواد مجلسه الأدبي: إسماعيل صبري وحافظ إبراهيم، وخليل مطران وأحمد محرم.

<<  <   >  >>