للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقامة وما إليهما، وكان باكورة ذلك كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" لرفاعة الطهطاوي، هذا الكتاب لاذي تحدث فيه رفاعة عن رحلته إلى باريس، ووصف كثيرًا من انطباعاته ومشاهداته، كما نقل عديدًا من المعارف والنظم، والقوانين التي أعجب بها في فرنسا.

ورغم أن الكتاب قد جاء مزيجًا من خصائص كتب الرحلات والكتب العلمية، والتقارير الرسمية، مع خلو تام من كل عنصر روائي؛ فإن بعض الباحثين يعتبره البذور الأولى للرواية التعليمية في الأدب الحديث، وذلك لتقديمه ما قدم من معارف من خلال رحلة؛ ثم لتمهيده لأعمال جاءت بعد ذلك فيها الهدف التعليمي، وفيها كثير من العناصر الروائية١.

والكتاب بعد ذلك ذو قيمة كبيرة من الناحية الفكرية، فهو صورة لاحتكاك عقلية أزهرية مستنيرة بالحضارة الأوروبية، وهو كذلك صورة لجرأة مثقف مصري في وصف قيم ديمقراطية، وأنظمة دستورية آراها في فرنسا، وأعجب بها، وأعلن هذا الإعجاب في بيئته كانت تحكم في تلك الآونة حكمًا استبداديًّا غاشمًّا٢، وقد ذكر رفاعة أن الذي نبهه إلى تأليف هذا الكتاب هو أستاذه الشيخ حسن العطار، فهو يقول في المقدمة: فلما رسم اسمي في جملة المسافرين، وعزمت على التوجه، أشار على بعض الأقارب والمحبين، لا سيما شيخنا العطار -فإنه مولع بسماع عجائب الأخبار، والاطلاع على غرائب الآثار- أن أنبه على ما يقع في هذه السفرة، على ما أراه وما أصادفه من الأمور الغريبة، والاشياء العجيبة؛ ليكون نافعًا في كشف القناع عن هذه البقاع"٣.

ويقول رفاعة معلقًا في كتابه على ما أورد من نصوص الدستور الفرنسي: "إن سائر الفرنسيين متساوون قدام الشريعة، معناه سائر من يوجد في


١ تطور الرواية العربية للدكتور عبد المحسن بدر ص٥٢، وما بعدها.
٢ المصدر السابق ص٥٧.
٣ تخليص الإبريز ص٤ طبعة وزارة الثقافة.

<<  <   >  >>