للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهوى، محملًا إثمها للدنيا القاسية الظالمة، وللبشر الآثمين المخادعين:

واهًا على دنياي ما صنعت ... بالحسن في كنف الصبا الفاني

فتكت بعصمته ولو عدلت ... فتكت بقلب الآثم الجاني

سرق الأثيم قداستي ومضى ... ومضيت أندب حظي الكابي

حيرى أروم القبر لي عوضًا ... عن خسة الدنيا وأوصابي

ويقال في حكم الورى سقطت ... ونعم، ولكن من خداعكم

لولا أذى الإنسان ما حملت ... إثم الهوى عذراء بيتكم١

ومن أهم الموضوعات التي عني بها شعراء هذا الاتجاه أيضًا، موضوع الطبيعة، فكلهم قد أحب الطبيعة وعشقها، بل منهم من حاول أن يمتزج بها، ويذوب فيها، وقد كانت الطبيعة عندهم كذلك مهربًا يلوذون بصفائه من كدر الحياة، ويغسلون في طهره ما يصيبهم من رجس العيش، ويجدون في رحابته متنفسًا لما يعانون من ضيق وتأزم، كل هذا بما يخلعونه عليها من خيال مجنح، هو الذي يجعل لحديثهم عن الطبيعة قيمة ابتداعية٢، يقول أبو شادي عن الطبيعة:

يا طريق الحزين عرج على الغر ... س وسر بينه بروحي وحسي

يا صميم الحقول س ربي وخذني ... من وجود وهبته كل يأس

في جوار المياه تجري فتروي ... قبل ري الغراس قلبي ونفسي

في جوار النبات يخفق من خفقي، ... ويفضي بهمسه مثل همسي

يا طريق الحزين ما عالم النا ... س لمثلي، فليس مثلي بإنسي

أنا بعض من الوجود الذي يأ ... بى وجودًا على فساد ورجس٣


١ انظر: أغاني الكوخ لمحمود حسن إسماعيل ص٦٧-٧١ قصيدة "دمعة بغي".
٢ انظر: Romanticism: Laseelles Abercrombie p. ٥٠
٣ انظر: عودة الراعي لأحمد زكي أبي شادي ص٢٨٣ "قصيدة في الطريق الحزين".

<<  <   >  >>