للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتحط فوقك تطلب الذكرى ... وتهجرني طيوري

ولسوف يرتد الربيع ... فخبريني عن ربيع١

ويقول الصيرفي أيضًا عن "جدول"، واصفًا هدوءه ثم ثورته، مشيرًا بذلك إلى حالته النفسية، حتى كأنه هو الجدول نفسه، وليس ذلك إلا لإحساسه بالاتحاد به، والفناء فيه:

يسير وفي ضفتيه الجمال ... كلحن على شفتي غانيه

منابعه من جنان الحياة ... على تلعات الهوى الساميه

تفانيت فيه كأغنية ... مضى في الأثير صداها الجميل

وذبت على ضفتيه كما ... تذوب الرغائب في المستحيل

وفي ليلة كاكتئاب الخريف ... جرى جدولي كالدم النازف

تهب الأعاصير في وحشة ... على صدره الخافق الواجف

هدوؤك يا جدولي أين ولي ... وهمسك يا جدولي أين راح

أعد للضفاف ترانيمها ... ورجع لها أغنيات المراح٢

ومن أبرز الموضوعات والتجارب الشعرية التي عالجها شعراء هذا الاتجاه: الحنين إلى مواطن الذكريات، والهروب إليها في لهفة حزينة وتعطش مُر، وذلك فرارًا من الحاضر المؤلم والواقع النفر.. ومواطن الذكريات عندهم كثيرًا ما تكون مرابع للطبيعة، أو مدارج للحب، أو مسارح قد لعب الحب عليها أدواره بين أحضان الطبيعة.

يقول الهمشري في "النارنجة الذابلة"، جامعًا حولها أعذب ذكريات صباه، وأجمل أيام حداثته، بكل ما فيها من نقاء وطهر وصفاء.


١ انظر: الألحان الضائعة لحسن كامل الصيرفي ص٥٣ قصيدة "الشجرة العارية".
٢ انظر: "مجلة أبولو المجد الثاني ص١١٢".

<<  <   >  >>