للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد، فلعل مما مضى من خصائص هذا الاتجاه يتضح سر تسميته، "بالابتداع العاطفي"، فهو يقوم أولًا على الابتداع المجاوز حد التجديد في الموضوعات والأساليب، وهو يقوم ثانيًا على نزعة عاطفية تشكل أهم مادته الشعرية، وتكاد تطغى على ما سواها من محتويات المضمون الشعري، وإذا كان لا بد من تشبيه هذا الاتجاه باتجاه غربي، فهو أشبه بالاتجاه "الرومانتيكي"١، الذي نجد فيه أكثر الخصائص التي وجدناها في هذا الاتجاه، والذي يقوم إلى درجة كبيرة على دعامتي الابتداع والعاطفية، هذا مع تأكيد ما لم سبق تقريره من أن هذا الاتجاه لا يصل إلى درجة المدرسة الفنية؛ لأنه لم يقم أولًا على فلسفة محددة، ولم يلتزم بمذهب فني خاص، وقد اعترف بعدم مذهبيته بعض أعلام الاتجاه أنفسهم٢.

و ريادة هذا الاتجاه:

هذا وقد درج بعض الباحثين على اعتبار الدكتور أحمد زكي أبي شادي رائد هذا الاتجاه، وأستاذ السائرين فيه٣، والحق أن الدكتور أبا شادي كان من أوائل المتحمسين لهذا الاتجاه الجديد، كما كان أكثر أصحابه تشيعًا له، وأخذًا بيد الشبان المتجهين إليه، وقد صنع من أجل ذلك الكثير، فأصدر مجلة "أبولو" لتتيح لهم فرصة النشر بجانب الشعراء الكبار، كما ألف "جماعة أبولو" ليعلو فيها صوت هؤلاء الشعراء الشبان، إلى جانب ما كان يزحم الحياة الأدبية من أصوات، كما ساعد على نشر دواوين هؤلاء الشبان


١ انظر: الرومنطيقية، ومعالمها في الشعر العربي الحديث لعيسى يوسف بلاطة القسم الثاني "الرومنطيقية العربية".
٢ انظر: حديث أبي شادي عن ذلك في: رائد الشعر الحديث جـ١ ص٢٣٦.
٣ انظر: الشعر المصري بعد شوقي الحلقة الأولى ص٩٠ والحلقة الثانية ص٣ والحلقة الرابعة ص٤. وانظر: جماعة أبولو لعبد العزيز الدسوقي ص٢٥٠، ٢٧٢، ٢٨٧، ٣٠٢، ٣١٣.

<<  <   >  >>