للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجدد، وإذاعة نتاجهم والدفاع عنهم١، إلا أنه مع سبقه وتحمسه، ومع كل ما كان له من جهود خيرة، لم يكن أقوى شعراء هذا الاتجاه شاعرية، ولا أعظمهم فنًا، وإن كان أكثرهم خدمة للاتجاه، وأغزرهم نتاجًا بين أصحابه.

وقد اتسم نتاجه الكثير بالعفوية والتلقائية، وعدم التجويد المبني على المراجعة، فجاء غير محافظ على المستوى الفني المرضي؛ حيث ارتفع بعضه إلى درجة الشعر الجيد، وانحط بعضه إلى مهاوي النظم الرديء، وجاء كثير منه على سطحية في الفكر، أو نثرية في التعبير، أو برود في العاطفة٢؛ مما لا يدع بصاحبه إلى الصف الأول من بين شعراء هذا الاتجاه، برغم ما نرى من مجاملة بعض رفاقه له، وحديثهم عنه كرافع لواء الاتجاه الجديد٣.

والحق أنه إذا كان شوقي قمة "الاتجاه المحافظ البياني"، وإذا كان العقاد قمة "الاتجاه التجديدي الذهني"، فإن ناجي هو قمة الاتجاه "الابتداعي العاطفي"، وذلك لطاقته الأضخم ونتاجه الأجود، وفنه الأسمى، على أن هناك شاعرًا قد مات في عمر الورد، ولو قدر له أن يعيش كما عاش رفاقه، لانتزاع لواء هذا الاتجاه، وتربع على عرش فنه، هذا الشاعر هو محمد عبد المعطي الهمشري الذي نرى نتاجه -الأقل كمًّا من نتاج رفاقه- يمثل إرهاصات عبقرية شعرية فذة، كما نرى فيه أوضح خصائص هذا الاتجاه، بحيث يمكن أن تمثلها القصيدة الواحدة من قصائده إلى درجة كبير٤.


١ اقرأ تفصيل ذلك في: جماعة أبولو لعبد العزيز الدسوقي ص٣٠٢ وما بعدها وص ٣٣٢، وما بعدها وص٤٨٧ وما بعدها.
٢ انظر: الشعر المصري بعد شوقي لمندور الحلقة الثانية ص١٧-١٨ وص٢٩-٣٣، وص ٥٢-٥٣.
٣ انظر: اعتراف ناجي مثلًا بأن أبا شادي هو رافع لواء المدرسة الجديدة في: "أطياف الربيع" ص "ل".
٤ اقرأ تفصيل حياته في: الهمشري لصالح جودت، واقرأ قصيدته: النارنجة الذابلة"، لترى أهم خصائص هذا الاتجاه مجتمعة.

<<  <   >  >>