للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تغلب للاتجاه الفكري الذي يولي وجهه شطر الغرب، وبعد ما كان من تصدر للأدباء الذين لا يرون في التراث العربي وحده المثل الأعلى١. فالتراث كان يقدم الشعر، وكان الشعر دائمًا هو الفن الأدبي الأول، على حين عرفت الآداب الغربية فنونًا من النثر قد سبقت الشعر بأشواط، أو على الأقل لم تدع له مكان الصدارة، ومن هنا كان تغلب الاتجاه الغربي، وتصدر أدباء من المثقفين ثقافة غربية، ومن المتصلين بآداب الغرب، مستتبعًا بالضرورة تصدر النثر الذي يعملون في ميدانه، ويتصلون في الآداب الأوروبية بأنواعه، ويحاولون أن يتفوقوا على غيرهم بالخوض في هذه الميادين التي لم يكن لغيرهم فيها نصيب يذكر.

وهكذا كان من مظاهر ازدهار النثر وسبقه، ظهور أنواع أدبية نثرية لم تكن معروفة في أدبنا العربي من قبل كالترجمة الذاتية واليوميات والمسرحية المقروءة، بالإضافة إلى ألوان روائية جديدة.

كما كان من مظاهر هذا الازدهار والسبق الذي حظا به النثر، اختفاء الطريقة البديعية تمامًا، واتضاح اتجاهين فنيين للأداء النثري، هما: "الاتجاه الأسلوبي" و"الاتجاه الفكري".

أما الاتجاه الأسلوبي فقد جاء امتدادًا لطريقة المنفلوطي، التي تعني بإشراق الديباجة وروعة البيان، وتعطي عناية خاصة للصياغة٢.

وقد كان أعلام هذا الاتجاه من ذوي الثقافة العربية القديمة أساسًا، وإن أضاف بعضهم إلى تلك الثقافة ثقافة أوروبية واسعة، كطه حسين، وأحمد حسن الزيات.


١ اقرأ ما كتب تحت عنوان "غلبة التيار الفكري الغربي" في أول الحديث عن الأدب في الفصل الرابع.
٢ اقرأ الفقرة المقال١ من المقالات الخاصة بالثنر في الفصل السابق، وعنوانها "المقالة، وظهور أول فنية للنثر الحديث".

<<  <   >  >>