الجملة الواحدة، وقد يجاوره بعد ذلك سجع بين نهايتي جملتين؛ كقوله:"كان الشيخ مهيبًا رهيبًا، وكان فخمًا ضخمًا، قد ارتفعت قامته في السماء، وامتد جسمه في الفضاء١".
وكلف طه حسين بتلك الوسائل السابقة المحققة للتتابع يورطه أحيانًا في اللف والدوران من غير ضرورة، كما يورطه أحيانًا أخرى في بطء الحركة الأسلوبية، ويجعل من صورة -في بعض ما يكتب- شيئًا شبيهًا بصور السينما التي تعرض بالطريقة البطيئة، لتوضيح حركة خفية، أو تسجيل موقف غريب.
على أن الغالب على طريقة طه حسين، استخدام التتابع بوسائله العديدة في تجسيم أبعاد الصور الحسية، وتعميق الإحساس بأبعاد الصور النفسية، وتأكيد الإيمان بالفكرة المجردة، فما يبدو في ظاهره تكرارًا وإعادة، إنما هو في حقيقته تتابع، في كل جزء من أجزائه زيادة ولو طفيفة، وتغيير ولو يسير، ونمو ولو غير ملحوظ، أشبه ما يكون بكل لقطة من لقطات "الفيلم" الجزئية التي تؤلف في جملتها اللقطة الكلية في حركتها وحيويتها، ثم تؤلف مع اللقطات الكلية الأخرى أبعاد العمل الفني، وأعماقه وإيحاءات فنه.
ونستطيع أن نتبين طريقه "التصوير المتتابع" التي أطلقناها على طريقة طه حسين، في النموذج التالي، وهو جزء من مقال له "عن الحب في شعر عمر بن أبي ربيعة".. وفي هذا النموذج يقول طه حسين.
" ... وكان كل شيء في حياة عمر وسيلة إلى الاتصال بالمرأة وذكرها، والتحدث إليها، ولا سيما الحج، فلم يكن ابن أبي ربيعة يفهم من موسم الحج إلا أنه معرض إسلامي للجمال، كان إذا قرب الموسم اتخذ أجمل ما كان يستطيع من زينة، وظهر في مظهر الفتوة والقوة، وفارق مكة،