خمس مرات يفرغ فيها القلب مما امتلأ به من الدنيا ... ١".
د- طريقة الزيات:
كذلك آثرت تسمية طريقة لازيات باسم "طريقة البيان المنسق"؛ لأن هذا الكاابت أولًا يميل في أسلوبه إلى الناحية البيانية، ويجعلها في المحل الأول، ثم؛ لأنه ثانيًا لا يعمد إلى البيان البسيط أو إلى البيان المركب، وإنما إلى البيان الذي يقوم على التنسيق والهندسة، فالجملة فيه تعادل الجملة، بل الكلمة تقابل الكلمة، والفقرة توازي الفقرة، حتى ليتألف من الكلمات والجمل والفقرات لوحة بيانية تتقابلب خطوطها، وتتعادل مساحاتها وتتوازن ألوانها، كاللوحات التي ترسم على مسطح قسم أولًا إلى مربعات، كيلا ينحرف خط أو تزيد مساحة، أو يجور لون.
والزيات يهتم -لتحقيق ذلك- باستخدام ألوان من المحسنات، ولكن في مهارة فائقة، ورشاقة شفافة، وبعض هذه المحسنات يأتي به لتحقيق التناسق الصوتي كالسجع والجناس، وبعضها يأتي به لتحقيق التناسق المعنوي كالمقابلة والطباق.
وهكذا يحس قارئ مقالة الزيات، أنه أمام عمل هندسي مصمم مقسم مهندم، قد اعتنى فيه بالحرف والمقطع والكلمة، مثل العناية بالجملة والعبارة والفقرة. فلا تثقل كلمة وتخف كلمة، ولا تطول عبارة وتقصر عبارة، ولا يوضع جزء من الجملة "نشازًا" دون جزء آخر يقابله ويسانده، ويكون معه عملًا جماليًا أساسه التناسق والتعادل.
وأهم ما يمثل فن المقالة عند الزيات، تلك المقالات التي كان يفتتح بها أعداد مجلة "الرسالة"، والتي جمع أكثرها بعد ذلك في مجلدات باسم "وحي الرسالة"، وتلك المقالات تتنوع بين أدبية وسياسية ووصفية، ويغلب عليها وفرة العناية بالإطار، وشدة رعاية جانب الشكل، حتى ليقل الزاد الفكري