للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين موادها نماذج من نتاج كتاب مصريين١.

وقد شهدت أيام إسماعيل هجرة عدد كبير من مسيحي الشام إلى مصر، وكان ذلك فرارًا من الاضطرابات التي حدثت سنة ١٨٦٠، وقد جاء هؤلاء ومعهم حقد مرير على الخليفة التركي الذي عانوا من ضغوطه الشيء الكثير، كما كانت نفوسهم تتطلع إلى الحرية التي افتقدوها، وتركوا بلادهم من أجلها، وقد شجعم إسماعيل على ذلك لما فيه من إضعاف لنفوذ الخلافة، التي كانت ما تزال تلقي ظلها على مصر، ثم لما فيه من خدمة غير مباشرة له، وهي تحقيق أطماعه في التفرد بالبلاد ما أمكن.

وكان في هؤلاء المهاجرين الشاميين طائفة من الأدباء والصحفيين، أضافوا جهودهم إلى جهود المصريين في إنضاج الوعي، بما كتبوه وأذاعوه، وقد كانت جهودهم الصحفية في المقام الأول في هذا الشأن.

ومن الصحف التي أصدرها هؤلاء المهاجرون الشاميون: "الكوكب الشرقي" لسليم الحموي، و"الأهرام" لسليم وبشارة تقلا، و"مصر" و"التجارة" لأديب إسحاق وسليم نقاش، وغيرها٢.

وقد كان هؤلاء المهاجرون الشاميون يأخذون غالبًا طريقًا آخر غير طريق إخوانهم المصريين، وإن كان الطريقان يبدوان طريقًا واحدًا في الظاهر؛ فعلى حين كان المصريون يهتمون بما هو عربي إسلامي، ويؤمنون بأن في تراثهم أمجادًا يجب بعثها، والاتكاء عليها في تلك المرحلة من تاريخهم، كان المهاجرون الشاميون غالبًا لا يميلون إلى هذا التراث العربي القديم، لاتصاله بالإسلام الذي يمثله الخليفة عدوهم الأول، وهكذا سنراهم يشاركون المصريين في دعواتهم إلى التحرر، والخلاص من كل ضغط وعسف، ولكنا سنراهم في


١ انظر: تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان جـ٤ ص٥٥، واقرأ في الصحافة المصرية: تطور الصحافة المصرية للدكتور إبراهيم عبده.
٢ انظر: تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان جـ٤ ص٥٦-٥٧، واقرأ بتوسع في: تطور الصحافة المصرية للدكتور إبراهيم عبده.

<<  <   >  >>