للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنما تنظرون إلي بالنظرة العاطفة، لا بالنظرة الكاشفة، جزاكم الله أحسن الجزاء، وأقدرني على أن أستحق هذا الثناء.

"وبعد فإني أهنئكم من كل قلبي بالثقة التي اكتسبتموها من البلاد.. لأن تؤلفوا مجلس الشيوخ في أول برلمان في بلادنا على الطراز الحديث، وأعد نفسي سعيدة بأني أول وزير مصري لحكومة دستورية، تستمد قوتها من إرادة الشعب، وتستند في بقائها على ثقة نوابه ...

"ستصبح هذه المبادئ بعد يوم واحد نافذة المفعول فينا، ويصبح أمر الكل للكل، ويشعر كل مصري أن حياته وحريته وشرفه وماله وولده، كل ذلك، تحت حماية القانون، وأن على القانون حارسًا قويًا أمينًا هو البرلمان، وأن البرلمان تحت حراسة أمة يقظة، والكل في ذمة الله وعنايته.

"بعد يوم واحد تجد الوزارة نفسها مسئولة أما نواب البلاد، وأن عليها أن تبرر أعمالها العامة أمامكم، كما تبررها أمام ضمائرها الخاصة، وتشعر من جهة أخرى بخفة ثقل المسئولية الملقاة عليها؛ لوجود قوة بجانبها تقاسمها هذه المسئولية، كما تشاطرها النظر في إدارة أمور البلاد.

"بعد يوم واحد يحل احترام الحكومة محل الخوف منها، ويشتد القرب منها بعد البعد عنها؛ إذ يستيقن الكل أنها ليست إلا قسمًا من الأمة تخصص لخدمتها العامة، حسب القانون والمبادئ الديمقراطية، وأن لكل واحد حصته فيها مباشرة أو بالواسطة، فيبذل الكل جهودهم في معاونتها على القيام بمهمتها الخطيرة.

"وأكبر هذه المهمات شأنًا، وأخطرها قدرًا وأشغلها لعقلي ولبي، هي مهمة الاستقلال التام لمصر والسودان.. يتلو هذه المهمة مهمة القيام بالإصلاحات الداخلية، وحل ما عقده الماضي من المشكلات، وتذليل ما أقامته السياسات من العقبات في طريقنا، وما هذا بالهنات الهينات.

<<  <   >  >>