للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفساد أرق المواطنين، وفزعهم، ويتوقع الفرج وانكشاف الغمة، لكن بحد السيف، فيقول:

تنكرت مصر بعد العرف واضطربت ... قواعد الملك حتى ريع طائره

فأهمل الأرض جرًا الظلم حارثها ... واسترجع المال خوف العدم تاجره

واستحكم الهول حتى ما يبيت فتى ... في جوشن الليل إلا وهو ساهره

يا نفس لا تجزعي فالخير منتظر ... وصاحب الصبر لا تبلى مرائره

لعل بلجة نور يستضاء بها ... بعد الظلام الذي عمت دياجره

إني أرى أنفسًا بما حملت ... وسوف يشهر حد السيف شاهره١

بل إنه يحرض فعلا على الثورة والحرب، وانتهاز الفرصة لحصد رءوس الحكم الدخلاء الظالمين، فيقول:

فيا قوم هبوا إنما لعمر فرصة ... وفي الدهر طرق جمة ومنافع

أصبرًا على مس الهوان وأنتم ... عديد الحصى؟ إني إلى الله راجع

وكيف ترون الذل دار إقامة ... وذلك فضل الله في الأرض واسع

أرى أرؤساً قد أينعت لحصادها ... فأين ولا أين السيوف القواطع

فكونوا حصيدًا خامدين أو افزعوا ... إلى الحرب حتى يدفع الضيم دافع

أهبت فعاد الصوت لم يقض حاجة ... إلي، ولباني الصدى وهو طائع

فلم أدر أن الله صور قبلكم ... تماثيل لم تخلف لهن مسامع

فلا تدعوا هذي القلوب فإنها ... قوارير محني عليها الأضالع٢

وهو بعد ذلك يتجاوز تجاربه النفسية الذاتية، وقضايا وطنه القومية، ليحدثنا عن تلك الأرض النائية ببلاد البلقان، وما جرى عليها من حرب بين الروس والأتراك، فيقول:

وأصبحت في أرض يحار بها القطا ... وترهبها الجنان وهي سوارح

بعيدة أقطار الدياميم لو عدا ... سليك بها شأوًا قضى وهو رازح


١ المصدر نفسه جـ٢ ص١٢٨.
٢ المصدر نفسه جـ٢ ص٢١١، وما بعدها.

<<  <   >  >>