مهالك ينسي المرء فيها خليله ... ويندر عن سوم العلا من ينافح
فلا جو إلا سمهري وقاضب ... ولا أرض إلا شمري وسابح
ترانا بها كالأسد نرصد غارة ... يطير بها فتق من الصبح لامح
مدافعنا نصب العدا ومشاتنا ... قيام تايها الصافنات القوارح
ثلاثة أصناف تقيهن ساقة ... حيال العدا إن صاح بالشر صائح
فلست ترى إلا كماة بواسلا ... وجردًا تخوض الموت وهي ضوابح١
وبمثل تلك النماذج، عبر الاتجاه المحافظ البياني في توفيق واضح، عن أغراض أرحب من تلك الأغراض التي عبر عنها الشعراء الأقدمون، وانفسح لتسجيل نبضات الشاعر الحديث، وقضايا وطنه وكبريات أحداث عصره.
ولم يستلزم هذا الأسلوب المحافظ البياني، حصر الشاعر في نطاق الأغراض التي كان يعبر عنها هذا الأسلوب في العصور القديمة، بل إن التزام منهج القصيدة العربية، واستخدام بعض الصور القديمة، والألوان البدوية الصحراوية نفسها، وما فيها من أماكن ونباتات وحيوانات -كالعقيق ونجد، وكالخزامى والبهار، وكالرئم والمها- لم تحل بين هذا الأسلوب، ونقل كل ما أراد الشاعر المحافظ أن يعبر عنه من تجاربه الذاتية، أو قضايا وطنه القومية، أو الأحداث الإنسانية الخارجة عن ذات الشاعر وقضايا وطنه، وهذا إذا أخذنا هذه الصور والألوان العربية القديمة على أنها رموز للتعبير عن معالم نفسية ومادية جديدة، فالشاعر حين يقول متشوفًا إلى مسارح شبابه، وأنسه بمصر: