للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما يغلب الترسل المتقارب للغة العلم، حين يكون الموقف فكريًا أو علميًا.

على أن الكتابين بعد اشتراكهما في هذه الصفات العامة ينفرد كل منهما بسمات خاصة، فالكتاب الأول يغلب عليه جانب التثقيف العلمي، بمقالات عن التجارة والصناعة والزراعة والسياسة، هذا بالإضافة إلى العلوم الإنسانية كالتاريخ والأخلاق، أما الكتاب الثاين فيغلب عليه التهذيب الأدبي بمقالات في الآداب والتربية، والدين والوطنية والاجتماع، وما إلى ذلك ... وفيما يلي نماذج من الكتابين:

يقول رفاعة في مقدمة "مناهج الألباب": ".... وهو نخبة جليلة، وتحفة جميلة، في المنافع العمومية، التي بها للوطن توسيع دائرة المدنية.. وعززتها بالآيات البينات، والأحاديث الصحيحة والدلائل المبينات، وضمنتها الجم الغفير من أمثال الحكماء، وآداب البلغاء وكلام الشعراء ... "١.

ويقول في "المرشد الأمين" في حديثه عن الوطن وكون مصر أحسن الأوطان: "الوطن هو عش الإنسان الذي فيه درج، ومنه خرج، ومجمع أسرته، ومقطع سرته، وهو البلد الذي نشأته تربته، وغداه هواؤه، وحلت عنه التمائم فيه، قال أبو عمرو بن العلاء: مما يدل على حرية الرجل وكرم غريزته، حنينه إلى أوطانه، وتشوقه إلى متقدم إخوانه، وبكاؤه على ما مضى من زمانه، والكريم يحن إلى أحبابه كما يحن الأسد إلى غابة، ويشتاق اللبيب إلى وطنه، كما يشتاق النجيب إلى عَطَنه، فلا يؤثر الحر على بلده بلدًا، ولا يصبر عنه أبدًا، قال الشاعر:

بلاد بها نيطت علي تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها

وكان الناس يتشوقون إلى أوطانهم، ولا يفهمون العلة في ذلك، حتى أوضحها علي بن العباس الرومي، في قصيدة لسليمان بن عبد الله بن طاهر، يستعديه على رجل من التجار يعرف بابن أبي كامل، أجبره على بيع داره، واغتصبه على بعض جدرها، فقال ابن الرومي:


١ انظر: مناهج الألباب المصرية لرفاعة الطهطاوي -المقدمة ص٤.

<<  <   >  >>