للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْعُلَماءُ [فاطر: ٢٨]، فالمراد بالعلماء هنا الذين يعلمون أسرار الكون وأطواره وأسباب اختلاف أجناسه وأنواعه وألوانها وآيات الله وحكمه فيها، وهو يشمل أكثر العلوم والفنون أو جميعها، وفى معناها آيات فى سور أخرى.

عظّم القرآن شأن العلم تعظيما لا تعلوه عظمة أخرى بقوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ [آل عمران: ١٨]، فبدأ عزّ وجلّ بنفسه وثنى بملائكته، وجعل أولى العلم فى المرتبة الثالثة، ويدخل فيها الأنبياء والحكماء ومن دونهم من أهل الدرجات فى قوله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ [المجادلة: ١١]، وأمر أكرم رسله وأعلمهم بأن يدعوه بقوله: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه: ١١٤].

ويؤيد الآيات المنزلة فى مدح العلم والحث عليه ما ورد فى ذم اتباع الظن كقوله تعالى:

وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً [يونس: ٣٦]، ومثله: وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً [النجم: ٢٨]، وقوله فى قول النصارى بصلب المسيح: ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ [النساء: ١٥٧].

وبلغ من تعظيمه لشأن العلم البرهانى أن قيد به الحكم بمنع الشرك بالله تعالى والنهى عنه وهو أكبر الكبائر وأقصى الكفر فقال تعالى: قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [الأعراف: ٣٣].

وقال الله تعالى فى برّ الوالدين الكافرين: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما [العنكبوت: ٨]، ومعلوم من الدين بالضرورة أن الشرك بالله لا يكون بعلم ولا ببرهان، لأنه ضرورى البطلان، وترى تفصيل هذا فيما بعده من تعظيم أمر الحجة والدليل، وما يليه من ذم التقليد.

<<  <   >  >>